لم ينتظر رؤساء ومنسقو تنظيمات المتقاعدين التي اختارت التكتل أخيرا تحت لواء “الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين” طويلا للخروج لتنوير الرأي العام المغربي بخصوص دوافع تأسيس هذا الإطار التنسيقي والخطوات النضالية التي يعتزمون تسطيرها للدفاع عن مطالب المتقاعدين والمتقاعدات وذوي حقوقهم، التي يقولون إن “الحكومة الحالية تلتزم سياسة الآذان الصماء تجاهها، سيرا على نهج الحكومات المتعاقبة على المغرب طيلة 24 سنة”.
وضمن ندوة صحافية احتضنها مقر الجامعة الوطنية للتعليم بالرباط، أكد المتقاعدون على اختلاف هيئاتهم تمسكهم بالنضال تحت مظلة الشبكة “من أجل دفع الحكومة إلى جعل الرفع من قيمة المعاش الهزيل والجامد أولوية الحوار الاجتماعي المقبل، ورفع الظلم الضريبي المتمثل في الاقتطاعات الضريبية الجائرة المسلطة على معاشات المتقاعدين”، منادين أيضا “بالاستماع إلى صوت المتقاعد خلال بلورة أية سياسة أو تسطير برنامج مرتبط به، وكذا رفع تمثيلياته ضمن هيئات المتقاعدين”.
ولأن هؤلاء لا يفوتون أية مناسبة للتأكيد على أنهم لا ينشدون مطالب مادية صرفة، فقد لفتوا إلى ضرورة “تمتيعهم بخدمات مجانية في الصحة والنقل العمومي، وتخصيص مجالات للترفيه وأندية رياضية لفائدتهم”، مؤكدين أنهم “مستعدون لوضع خبراتهم وتجاربهم لخدمة الشعب والوطن شريطة وضع الحكومة للآليات الكفيلة بذلك”.
الاتحاد قوة”
عبد السلام البقالي، رئيس الرابطة الوطنية لمتقاعدي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قال إن “الرابطة آبت إلا أن تستجيب لنداء الجامعة الوطنية للتعليم من أجل توحيد الصفوف والالتئام تحت لواء هذه الشبكة، بالنظر إلى إدراك الرابطة بأن المتقاعدين قد أعياهم النضال القطاعي والفئوي وبحت أصواتهم من المناداة بالاستجابة لمطالبهم؛ إلا أن جميع الحكومات المتعاقبة نهجت سياسة الآذان الصماء تجاه هذه المطالب”، مردفا أن “هيئات المتقاعدين، على اختلاف مطالبهم، تلتقي في مطالب مشتركة؛ على رأسها الزيادة في معاش المتقاعد الذي ظل مجمدا لأربع وعشرين سنة، وهي تدرك أن هذه المطالب لن تنتزعها دون التكتل مادام الاتحاد قوة”.
وأضاف البقالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية على هامش الندوة، أن “الهاجس الأول لجميع هذه الهيئات هو دفع الحكومة إلى تطبيق القانون، لا سيما الفصل 44- 2 من القانون رقم 011 .71 بمثابة نظام المعاشات المدنية الذي يؤكد أنه كل زيادة في أجور الموظفين موجبة للزيادة في معاشات المتقاعدين”، مؤكدا أن “سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، كان قد وعد بتطبيق هذا المقتضى سنة 2019، ثم تنكر لوعده بإقراره السنة ذاتها زيادة 400 درهم في أجور الموظفين وإقصاء المتقاعدين منها”.
وأبرز المتحدث ذاته أن “التنكر لهذا المطلب ما زال مستمرا في عهد الحكومة الحالية، التي تحاول الالتفاف على المقتضى القانوني سالف الذكر؛ من خلال منح الزيادة في أجور الموظفين عن طريق الزيادة في التعويضات لا في الراتب الأساسي، لإدراكها أن المتقاعدين لا يتوفرون على التعويضات”.
وأردف بالقول: “من المستغرب أن يتلكأ المغرب، الرائد إفريقيا، في الاستجابة لمطلب تحريك سلم المعاشات، في الوقت الذي تلجأ فيه دول إفريقية نامية إلى إعادة تقييم المعاشات بما يعادل 6 إلى 7 في المائة في كل سنة أو سنتين”.
“رسالة واضحة”
هذه النقطة وردت أيضا على لسان عروض حمادي، رئيس الجمعية الوطنية لمتقاعدي ومتقاعدات الإدارات التربوية، الذي أفاد بأنه “من المسيء إلى صورة الوطن أن يضطر المتقاعدون إلى النزول إلى الشارع بغية الاحتجاج في الوقت الذي نهضت فيه دول كثيرة، وضمنها إفريقية نامية، بوضعية هذه الفئة وتحرك معاشاتها مع أية زيادة في التكاليف المعيشية أو الأجور”، مشيرا إلى أن الشبكة التي ستحتج دفاعا عن مطالبها في فاتح أكتوبر “تحمل الجميع مسؤولية الخطوات التي ستتخذها في حال لم تتم الاستجابة للمطالب الملحة التي دعتها إلى الالتئام”.
وسجل عروضي، في تصريح لهسبريس على هامش الندوة ذاتها، أن “الشبكة عازمة على خوض معركة نضالية موحدة، من أجل إعادة الاعتبار لشريحة المتقاعدين بجميع القطاعات الذين جرى التنكر لجهودهم وتضحياتهم على اختلاف القطاعات والإدارات العمومية والقطاعات الإنتاجية التي اشتغلوا فيها”، موردا أن “الالتئام اليوم هو رسالة واضحة لكل المسؤولين الحكوميين والنقابيين على السواء من أجل إنصاف هذه الفئة والتقاط مطالبها، لا سيما الزيادة في المعاشات”.
وأكد المتحدث ذاته أن “المعاشات بقيت مجمدة رغم غلاء أسعار عدد من المواد الأساسية والأكثر استهلاكا، في ظل تصفية صندوق المقاصة ورفع الدعم عن المواد الأساسية وتسليع الخدمات العمومية والظلم الضريبي الذي طال هذه المعاشات بعد إعادة تضريبها”، موضحا أن “الشبكة متمسكة بزيادة فورية للمعاشات، وتطالب الحكومة بوضع هذا المطلب على رأس جدول أعمال جلسات الحوار الاجتماعي التي ستنطلق قريبا”.
“البرنامج النضالي”
لحسن موموش، رئيس اتحاد متقاعدي التعليم المغرب، أكد “تأسيس هذه الشبكة يأتي بعدما لم تفلح الجهود النضالية لكل هيئة على حدة في دفع الحكومة إلى الاستجابة لمناشدة متقاعديها رفع التهميش عنهم وتسوية النزاعات القائمة بينهم وبين صناديق التقاعد، وكذلك المطلب الذي يهم جميع المنتسبين إلى هذه الفئة ألا وهو الزيادة في المعاشات”، مشيرا إلى أن “الشبكة تعول أيضا على الانخراط في قوة موازية لمواجهة آخر التراجعات الحديثة عن المكتسبات الاجتماعي المتمثل في عزم الحكومة إدماج الكنوبش ضمن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
وجوابا عن سؤال لهسبريس حول الخطوات المقبلة التي تعتزم الشبكة اتخاذها ضمن “برنامجها النضالي”، أورد موموش أن “الهيئات المنضوية تحت لوائها ستقوم بإعداد ملف مطلبي مشترك يجمع مختلف النقاط المطلبية، وسترفعه رفقة مراسلات إلى رئاسة الحكومة ووزراء مختلف القطاعات التي تنتمي إليها هذه الهيئات، على أن الباب مفتوح لخطوات نضالية أخرى في حال لم يجرِ انتشال المتقاعدين من الوضعية الاجتماعية الهشة والمتردية التي يعيشونها”.
وناشد المتحدث ذاته “دعم مختلف التنظيمات السياسية والحقوقية والنقابية الشبكة من أجل تسريع الحصول على مطالبها التي يمكن الاستجابة إليها بشكل آني ولا تحتاج أي تأخر أو مناورة، سواء من قبل الحكومة أو مسؤولي القطاعات الوزارية التي تنتمي إليها الهيئات المنضوية تحت لواء الشبكة”.