حلّ المغرب في المرتبة 32 من أصل 42 دولة في ترتيب الدول الإفريقية ضمن مؤشر إدماج المرأة لعام 2025، الصادر حديثا عن المركز الإفريقي للتحول الاقتصادي.
ووفقًا للتقرير السنوي التفصيلي، حقق المغرب أعلى درجاته في محور القوانين والبُنى التنظيمية، إذ سجل 68 نقطة، مما يعكس الجهود المبذولة لتحسين الإطار التشريعي المتعلق بحقوق النساء. كما حصل على 45 نقطة في مؤشر القيادة، مما يشير إلى تحسن نسبي في تمثيل النساء في مواقع اتخاذ القرار.
في المقابل، ظل الأداء ضعيفًا في مجالي الإدماج المالي والاقتصادي، إذ لم تتجاوز النقاط 35.5 و27.7 على التوالي، مما يبرز، وفقًا للتقرير، فجوة حقيقية في تمكين النساء اقتصاديًا ودمجهن في الدورة الإنتاجية.
على المستوى القاري، تصدرت جنوب إفريقيا الترتيب برصيد 86.4 نقطة، تلتها كل من ناميبيا وكينيا، بينما احتلت الجزائر ومصر والنيجر مراتب متأخرة بين الدول الأقل أداءً.
وأشار التقرير إلى أن المغرب قد أحرز تقدمًا في المؤشر مقارنة بعام 2017، “إلا أنه لا يزال بعيدًا عن مراكز الريادة، مما يعكس محدودية فعالية السياسات الحالية في تحقيق التمكين الشامل للنساء”.
وحذر التقرير الدول الإفريقية، بما في ذلك المغرب، من أن وتيرة التقدم الحالية لا تسمح بتحقيق إدماج فعلي للنساء قبل نهاية القرن، داعيًا إلى إطلاق إصلاحات هيكلية أعمق وأكثر تأثيرًا.
كما أوصى التقرير بتحسين جمع البيانات حول الفوارق بين الجنسين، وإدماج منظور النوع الاجتماعي في صياغة السياسات العمومية، إلى جانب إشراك القادة التقليديين والمجتمعيين في تغيير الصور النمطية التي تحد من مشاركة النساء في الحياة الاقتصادية والسياسية.
الباحث في علم الاجتماع عبد السلام الوديع، سجل أن النتائج الإيجابية في مجال القوانين والبُنى التنظيمية تعكس التحسينات التشريعية التي شهدها المغرب في السنوات الأخيرة، بما في ذلك قوانين مكافحة العنف ضد النساء وتحقيق العدالة بين الجنسين. إلا أنه، ورغم ذلك، يبقى دور التشريعات وحده غير كافٍ لتحقيق التغيير المنشود.
وقال الأستاذ الجامعي في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن البيئة الاجتماعية والثقافية التي تحد من مشاركة المرأة في العديد من المجالات لا تزال قائمة، “هذه الفجوة بين التشريع والممارسة الفعلية تعكس التحديات الهيكلية التي تواجه النساء في حياتهن اليومية”.
ولفت المتحدث إلى أن التقرير يظهر أيضًا تحسنًا نسبيًا في مؤشر القيادة، إذ حصل المغرب على 45 نقطة، مما يشير إلى زيادة في تمثيل النساء في مواقع اتخاذ القرار. “ومع ذلك، لا يزال هذا التقدم محدودًا مقارنةً مع الدول التي تتصدر المؤشر”.
ونبّه الوديع أنه في السياق الاجتماعي، يعد تمثيل النساء في المناصب القيادية خطوة هامة نحو تغيير الصور النمطية المتعلقة بدور المرأة في المجتمع. لكن، مقابل ذلك، أبرز أن تمثيل المرأة في المناصب العليا والمجالس السياسية في المغرب يبقى دون المستوى المطلوب، مما يعكس حاجزًا اجتماعيًا وثقافيًا يعيق قدرة المرأة على الوصول إلى هذه المراتب.
من ناحية أخرى، أورد الباحث في علم الاجتماع أن ضعف الأداء في مجالات الإدماج المالي والاقتصادي، الذي سجل فيه المغرب 35.5 نقطة، يعكس حقيقة صعوبة اندماج النساء في السوق الاقتصادية.
وأبرز أن هذه الفجوة الاقتصادية تشير إلى وجود مشاكل بنيوية تمنع النساء من الوصول إلى الفرص الاقتصادية على قدم المساواة مع الرجال، مشيرًا إلى أن التحديات الاجتماعية مثل ضعف التعليم في بعض المناطق، وقلة الوصول إلى التمويل، وعوامل ثقافية قد تساهم في هذا التراجع.
واعتبر في حديثه للجريدة أن هذه الوضعية تؤكد على الحاجة الملحة لإصلاحات شاملة تدعم النساء اقتصاديًا، وتعزز من مشاركتهن في الأنشطة الإنتاجية، مؤكدًا أن المملكة، ورغم تقدمه النسبي، لا تزال بحاجة إلى إصلاحات هيكلية أعمق لتحقيق إدماج حقيقي للنساء في كافة المجالات.