ع اللطيف بركة : هبة بريس
صادقت الحكومة في وقت سابق على مشروع المرسوم رقم 2.24.144 بشأن “علامة مؤسسة الريادة”، والتي تندرج مؤسساتها التعليمية ضمن مستجدات الإصلاح التربوي الذي تقوم به الحكومة لإصلاح منظومة التعليم، كما يأتي هذا المشروع التربوي في إطار تفعيل اتفاق الـ26 من دجنبر 2023 بين النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية في قطاع التعليم واللجنة الوزارية الثلاثية حول النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية.
الحكومة ومعها الوزارة الوصية على القطاع، اعتبرتا الخطوة من المستجدات الإصلاحية في مجال إصلاح المنظومة التعليمية، وفق مشروع وبرنامج مهيكل يستهدف تحسين عمليات التعلم عبر ثلاثة أبعاد أساسية، يرتبط الأول بالتلميذ عبر اعتماد مقاربة جديدة في التدريس ومقاربة علاجية تعنى بالدعم التربوي وأخرى وقائية تنصب على التدريس الفعال خلال محطات اكتساب المعارف، ومحور آخر يرتبط بالأستاذ يتضمن تيسير ظروف الاشتغال عبر تزويد الأطر التربوية الإدارية بالتجهيزات الرقمية وبالموارد البيداغوجية وعبر المواكبة عن قرب من طرف المفتشين الإداريين، وكذا المحور المرتبط بالمؤسسة وهو الذي يهتم بتحسين ظروف الاستقبال في المؤسسات التعليمية من تأهيل ونظافة وتزويد القاعات بمختلف التجهيزات التي تحتاجها ووضع موارد مالية رهن إشارات هذه المؤسسات.
***مشروع تربوي برؤية جديدة لكنه لم يخلو من انتقاذات صريحة
حسب محلليين ومهتمين، فإن هذا المشروع التربوي الذي صرفت عليه أموال ضخمة، أظهر حسب دراسات علمية تطورا ملموسا في مستوى التعلمات لدى تلاميذ هذه المؤسسات،
خاصة بعد التقييم الأولي للقطاع، إذ أن هناك مؤشرات محفزة على نجاح هذا البرنامج، الذي يهدف إلى تجويد المدرسة العمومية الضامنة لتكافؤ الفرص والمساواة، بناء على دراسة علمية حديثة همّت مشروع “مدارس الريادة” في المغرب، خلصت إلى تسجيل أثر إيجابي على مستوى تحسن وتقويم تعلّمات التلاميذ، إذ تمت ملاحظة التأثيرات الأكثر أهمية في مادتَيْ اللغة الفرنسية والرياضيات.
هذا وفي الوقت الذي تعكف فيه الوزارة على تنزيل هذا المشروع تنزيلا سليما، هناك أساتذة ورؤساء مؤسسات تعليمية ممن انخرطوا في هذا البرنامج، يشتكون من عدم توصلهم بمستحقاتهم، ومنهم من استنكر غياب العدة البيداغوجية، ومنهم من تحول إلى ” حمّال” ينقل العدة على كتفيه ومن ماله الخاص.
** تجربة تربوية فريدة ومخاوف من فشلها
دخلت تجربة تنزيل مؤسسات الريادة عامها الثاني في السلك الابتدائي حيث انتقلت من 626 مؤسسة ابتدائية إلى 2626 مؤسسة تعليمية ابتدائية تنخرط في هذه التجربة في كل جهات المغرب، ما سيمكن هذا المشروع الطموح من توسيع عينة التلاميذ المستفيدين من هذا المشروع.
ويندرج مشروع مؤسسات الريادة بسلك التعليم الابتدائي في إطار تنزيل مقتضيات الإطار الاجرائي لخارطة الطريق 2022-2026 التي اعتمدتها الوزارة، والتي تسعى من خلالها إلى الرفع من نسبة التحكم في التعلمات الأساس ومحاربة الهدر المدرسي، وتمكين الأطفال من استفادة قصوى من أنشطة الحياة المدرسية.
ويستهدف المشروع في تجربته 2626 مدرسة ابتدائية، تم اختيارها بناء على معيار الرغبة الطوعية في انخراط فرقها التربوية والإدارية وتم خلالها تكوين عدد من الأستاذات والأساتذة من طرف عدد من المفتشين التربويين استفادوا من تكوين عالي الجودة من طرف فرق خبرة دولية في مقاربتي TARL والتدريس الصريح، مع إعداد بحوث تدخلية ميدانية وإشهاد بعدي في المقاربة.
ولتوسيع هذه التجربة يستلزم تكوين عدد إضافي من الفاعلين، خاصة المفتشين المؤطرين ومديري المؤسسات التعليمية وأطر التوجيه والأساتذة، وذلك عبر التكوين النظري العملي ثم التطبيق الميداني والبحوث.
وانطلقت عملية تكوين مختلف الفاعلين من خلال تكوين عدد من المفتشين التربويين عبر سلسلة لقاءات عن بعد مع فرق الخبرة الدولية، ثم ورشات عمل جهوية مرفقة بإعداد بحوث تدخلية، من أجل تكوين عدد من الأساتذة والأستاذات لتنزيل المقاربات البيداغوجية بالفصول الدراسية لفائدة عدد كبير من التلاميذ إلى جانب عدد من مديري المؤسسات سيعملون على تنزيل مشروع المؤسسة المندمج وفق تصور نموذج مؤسسات الريادة.
**** استنفار بالمديريات الاقليمية لاستقبال المولود الجديد
باشرت مختلف المديريات الإقليمية عملية تجهيز المؤسسات الدراسية وتأهيلها، بما يمكن من أجرأة مختلف المقاربات وتوفير الظروف الأمثل للتعلم، ويتم تحفيز كل المتدخلين في توسيع تجربة مؤسسات الريادة ماديا من مفتشين مواكبين وأطر التوجيه وأطر الإدارة التربوية والأطر التربوية كما يستفيدون من حواسب محمولة وعدة لتنزيل المشروع داخل مؤسسات جذابة بحجرات دراسية مجهزة تم إدماج التكنولوجيا فيها من خلال استثمارالمسالط في التعليم بالمستوى المناسب TaRL والتعليم الصريح في التعلمات الأساس : اللغة العربية واللغة الفرنسية والرياضيات من طرف فرق تربوية تعتمد التخصص…
*** مشروع تربوي وحجم الاكراهات
إن الملاحظ وحسب العديد من المهتمين والفاعلين الأساسيين في المنظومة، أن تنزيل هذا المشروع، يصطدم بمجموعة من الإكراهات منها:
-مشكل الاكتظاظ داخل الأقسام إذا يصل المعدل إلى ما يفوق 40تلميذا في بعض المستويات ويصل عدد الأساتذة إلى 40 أستاذ ناهيك عن مربيات أقسام التعليم الأولي.
-مشكل مؤسسات الريادة التي يفوق عددها1000تلميذا، والتي تعمل بطاقم إداري يتكون في الغالب من مدير فقط والتي يجب أن تزود بأطر مختصة لمساعدة الإدارة التربوية في تنزيل المشروع.
-النقص في كراسات التلاميذ، ناهيك عن مشاكل الطبع و النسخ الذي يعاني منها الكثير من المديرين الذين باتوا يتخبطون لوحدهم من أجل حل مشكل النقص في الكراسات.
-التأخر غير المبرر في صرف منحة جمعية دعم مدرسة النجاح المنخرطة في مؤسسات الريادة.
-النقص في عدد حراس الأمن الخاص والمنظفات خصوصا في المؤسسات المكتظة والكبيرة.
– تملص بعض المديريات من مد المؤسسات بعدة الأستاذ وتكليف المديرين بالمهمة مما يزيد من كثرة المهام التي تتناسل بشكل كبير دون تحفيز مقبول يذكر.
– النقص في عدة أجهزة التحكم الخاصة بالحواسب pointeur بحيث خصص هذا الجهاز للقاعة وليس للأستاذ.
– محدودية مواكبة بعض المفتشين للأساتذة الذين يعتمدون على أنفسهم في تنزيل المشروع.
-هزالة قيمة منحة الأطر الإدارية بالمقابل إثقالهم بكثرة المهام بحيث أصبحوا ينقلون عدة التلميذ وعدة الأستاذ وعدة الأقسام عبر سياراتهم الخاصة في وضع يبعث على الشفقة رغم توفرهم على إطار متصرف تربوي يجب أن يحظى بمكانة اعتبارية كبيرة.