قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن دور الأشخاص في قيادة مؤسسات الحكامة مهما كانت كفاءتهم ونزاهتهم ونواياهم الطيبة غير ذي أثر كبير في تشكيل تحول نوعي في مسار مكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة وتعزيز حكم القانون، ما دامت المراكز والجهات التي لها مصلحة في استمرار واقع الفساد والريع والرشوة تتمتع بنفوذ وقوة واضحين.
وأضاف الغلوسي في تدوينة أعقبت قرار التعيين في ثلاث مؤسسات دستورية، أن التوجه المستفيد من الفساد تغول، ولم يعد أحد قادرا على الوقوف في وجهه وإلا كان الثمن غاليا، لأن مصالحه مرتبطة بتعميق واشاعة الفساد والرشوة والريع وتضارب المصالح والإثراء غير المشروع عبر استغلال مواقع السلطة والقرار العمومي، والمؤشرات على ذلك كثيرة، لعل أبرزها دفاع رئيس الحكومة من داخل قبة البرلمان عن فوز شركته بصفقة تحلية مياه البحر ضدا على الفصل 36 من الدستور وضدا على المرجعية الأخلاقية والقانونية في ممارسة السياسة وتولي المسؤولية العمومية.
وتوقف الغلوسي في ذات السياق على سعي الحكومة من خلال وزير العدل إلى المس باستقلالية النيابة العامة في سابقة خطيرة وجعلها تحت تصرف الادارة الواقعة تحت سلطة رئيس الحكومة حتى لا يقوم القضاء كسلطة مستقلة بدوره في تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية ضد لصوص المال العام، ناهيك عن منع الجمعيات الحقوقية والمجتمع من التبليغ عن جرائم المال العام كما هو واضح من المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، التي اقسم وزير العدل بأنها ستمر كما هي دون أي تعديل في اعتداء صريح على سلطة البرلمان والدستور، واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب.
ومن بين مؤشرات تغول الفساد واستشرائه والتطبيع معه كممارسة وسلوك طبيعي، يضيف المتحدث، هو جعل مؤسسات الحكامة مجرد مؤسسات صورية تشبه ذلك الجندي الذي يقاتل دون سلاح، وتحول مسؤولين في هذه المؤسسات إلى “رهائن” بيد لوبيات الفساد لا حول لهم ولا قوة.
ومن مظاهر تغول الفساد، حسب الغلوسي، التفاف الحكومة على كل المطالب الحقوقية والمجتمعية الرامية إلى تخليق الحياة العامة وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار ومؤشرات الشفافيه، وذلك بسحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع، ووضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في الرفوف، وتصفية اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، وعدم مراجعة قانون التصريح الإجباري بالممتلكات، وعدم إخراج قانون احتلال الملك العمومي، وحماية الموظفين المبلغين عن جرائم الفساد، وغيرها، حيث تعمل الحكومة على إنهاء أي حديث عن مكافحة الفساد والرشوة وتخليق الحياة العامة وإغلاق هذا الورش المزعج بشكل نهائي.
وخلص رئيس جمعية حمية المال العام إلى التعبير عن الأمل في أن يشكل تعيين بعض الشخصيات على رأس مؤسسات دستورية مقدمة لتوجه جديد، وتعبيرا عن ارادة سياسية تروم القطع مع كافة مظاهر الفساد والرشوة والاحتكار وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ومحاكمة لصوص المال العام، لأن الفساد أصبح نسقيا ومعمما يهدد الدولة والمجتمع.