تعيد نسبة طلبة الطب بالكليات العمومية القادمين من المؤسسات التعليمية الخاصة إثارة النقاش حول تأثير قرار الحكومة السابقة اعتماد اللغة الفرنسية كلغة للتدريس، حيث أشارت آخر الأرقام الصادرة عن وزارة التربية الوطنية بلوغ عدد تلاميذ القطاع الخاص بكليات الطب العمومية 75 في المئة.
وأشارت المعطيات التي حصلت عليها جريدة “مدار21” الالكترونية من الوزارة إلى أن أغلب الوافدين على كليات الطب في المغرب هم أبناء التعليم الخاص بنسبة تصل 75 في المئة، مبرزةً أن الوزارة تسعى إلى تخفيض هذه النسبة لصالح القطاع العام.
خالد الصمدي، كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي وخبير في الشأن التربوي، قال إنه “منذ بدأ اعتماد اللغة الفرنسية في تدريس المواد العلمية تراجع مستوى عدد من التلاميذ بحكم عدم إتقانهم للغة الفرنسية وهو ما أدى إلى تراجع في المعدلات التي يتحصلون عليها”، مبرزاً أن “فرنسة المواد العلمية كانت ضربة قاضية لمستوى عدد من التلاميذ في القطاع العام”.
وسجل الصمدي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “اعتماد الفرنسية في التعليم وخاصة المواد العلمية لم يكن له نفس الوقع على تلاميذ القطاع الخاص بحكم إتقان أو تملك معظمهم لقواعد اللغة الفرنسية وهو ما يرفع حظوظهم في الحصول على نقط جيدة وقبول ملفات ترشحاتهم للمدارس العليا بما فيها كليات الطب المغربية”.
وفي هذا الصدد، استحضر الخبير التربوي “التقييمات لمستوى التلاميذ في المواد العلمية التي تقر بتراجع مستوى تلاميذ الابتدائي في المواد العلمية منذ اعتماد اللغة الفرنسية كلغة للتدريس وهو القصور الذي يلاحق التلاميذ حتى في فترة التعليم الثانوي”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “اللغة المعتمدة في تدريس المواد العلمية هي مسألة مهمة وحاسمة في تقييم مستوى التلاميذ وتحديد مسارهم الأكاديمي في فترة ما وراء البكالوريا بحكم أن معظم التخصصات العلمية وعلى رأسها تخصص الطب يدرس باللغة الفرنسية على مستوى الجامعة”.
وأوضح المصرح نفسه أن “مثل هذه الأرقام لا ترتبط بكليات الطب فقط وإنما بمعظم مؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المحدود”، مبرزا أن “هذا المشكل في البداية كان مرتبطاً بارتفاع المعدلات المطلوبة في الانتقاء الأولي لاستدعاء المترشحين الراغبين في اجتياز هذه المباريات قبل تخفيضها إلى مستويات تسمح بقبول عدد أكبر بالإضافة إلى تأثير قرار تدريس المواد العلمية بالمواد الفرنسية”.
وسجل الصمدي أن “معدلات تلاميذ في التعليم الخاص يكون مرتفع مقارنة بمعدلات تلاميذ المدرسة العمومية ما يجعلهم حينها أكثر حظوظا للانتقاء”، مشددا على أن “هذا لا يعني بالضرورة أن هذه النسب تعكس على مستوى التفاوت بين تلاميذ القطاعين”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “وزارة التعليم العالي انتبهت في هذه المرحلة إلى هذه الإكراهات وقررت تخفيض المعدلات المطلوبة لاجتياز مباريات المدارس العليا وذات الاستقطاب المحدود إلى مستوى تتضاعف فيه حظوظ عدد من التلاميذ في سنوات 2018 و2019 و2020”.