في خطوة مهمة، أعلن الملك محمد السادس إلغاء شعيرة نحر الأضاحي خلال عيد الأضحى لهذا العام، مستندًا إلى الظروف الاقتصادية الراهنة وتراجع أعداد القطيع الوطني.
القرار، الذي فاجأ الكثيرين، أثار ترحيبا بين مختلف الفئات الاجتماعية، حيث انقسمت الآراء بين من رأى فيه فرصة لتخفيف الضغط المالي عن الأسر، وبين من اعتبره مناسبة لتقوية قطاع تربية الماشية.
أحد أبرز الآثار التي ركّزت عليها التقارير الاقتصادية هو توفير سيولة مالية ضخمة كانت ستُخصص لشراء الأضاحي.
فوفقًا لدراسة حديثة لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، فإن الامتناع عن ذبح الأضاحي هذا العام قد يسمح بضخ حوالي 20 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، وهو ما يمثل نسبة كبيرة من الإنفاق السنوي للأسر المغربية خلال هذه المناسبة.
هذا المبلغ، حسب التقرير، كان يُنفق على شراء الأكباش، إضافة إلى التكاليف المرتبطة بالمناسبة من نقل وعلف وخدمات الجزارين، مما كان يُشكل ضغطًا ماليًا هائلًا على الكثير من الأسر، خاصة تلك ذات الدخل المحدود.
التقرير أشار أيضًا إلى أن متوسط سعر الأضحية يتراوح بين 1500 و5000 درهم، بينما قد تصل الأسعار إلى 7000 درهم أو أكثر لبعض السلالات الممتازة.
هذه الأرقام تعني أن نسبة كبيرة من المغاربة كانوا يضطرون للاستدانة أو تقليص نفقاتهم الأساسية خلال أشهر ما بعد العيد، مما يزيد من حدة الأزمات الاقتصادية التي تواجهها العديد من الأسر سنويًا.
ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف المعيشة، فإن إلغاء العيد قد يُشكل متنفسًا ماليًا هامًا لشريحة واسعة من المجتمع.
لكن في الجهة المقابلة، فإن تداعيات القرار لا تقتصر فقط على الأسر، بل تمتد لتشمل الفلاحين ومربي الماشية والجزارين، الذين يعتمدون بشكل أساسي على هذه المناسبة لتحقيق أرباح تُساعدهم على مواجهة تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار الأعلاف.
العديد من مربي الأغنام أعربوا عن قلقهم من الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم، حيث كانوا يعتمدون على الطلب المرتفع خلال العيد لتعويض تكاليف العلف التي شهدت ارتفاعًا قياسيًا في السنوات الأخيرة.
بالفعل، بدأت تداعيات القرار تظهر في الأسواق المغربية، حيث شهدت أسعار الأغنام انخفاضًا حادًا في الأيام الأخيرة، وصلت نسبته في بعض المناطق إلى أكثر من 50%.
مقاطع الفيديو المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وثّقت بيع الخراف بأسعار متدنية غير مسبوقة، إذ تراجع سعر بعض الأكباش التي كانت تُباع سابقًا بـ5000 أو 6000 درهم إلى أقل من 2500 درهم، فيما انخفض سعر “بالة” التبن من 75 درهمًا إلى 40 درهمًا، مما يعكس تراجع الطلب على المواشي بعد إعلان القرار.
وفي ظل هذا الوضع، طالب مربو الماشية الحكومة بالتدخل لحمايتهم من الخسائر التي لحقت بهم، مشددين على ضرورة توفير دعم مباشر لتعويضهم عن الانخفاض الكبير في الطلب.
كما دعا بعضهم إلى تسريع تنفيذ برامج تحسين سلالات الأغنام وتشجيع المزارع النموذجية التي تعتمد على تقنيات حديثة موفرة للمياه والعلف، بهدف الرفع من الإنتاجية خلال السنوات المقبلة.
من ناحية أخرى، يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن توجيه هذه السيولة المالية نحو الاستهلاك المحلي والاستثمار قد يكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني، حيث يمكن أن يُحفّز قطاعات أخرى كالتجارة والخدمات والصناعة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المغرب.
وبينما يترقب المغاربة تأثيرات القرار على المدى القريب والبعيد، تبقى التساؤلات مطروحة حول ما إذا كانت الدولة ستتخذ إجراءات لتعويض الفئات المتضررة، أم أن هذه التغييرات ستكون بداية لنهج جديد في تدبير مثل هذه المناسبات الاقتصادية والاجتماعية.