بقلم: عمر أياسينن
يبدو أن مقال أحمد الشرعي بعنوان “كلنا إسرائيليون” يحمل استفزازاً متعمداً لجمهور واسع، مستهدفاً إقناع القارئ بفكرة تتجاوز المواقف السياسية إلى محاولة فرض قوالب فكرية محددة. المقال يدفع القارئ للتساؤل: هل نحن حقاً بحاجة إلى الانتماء إلى هوية لا تنتمي إلينا لنُثبت إنسانيتنا أو لنبرر مواقفنا السياسية؟
أولاً، الانتماء للإنسانية لا يعني الانحياز إلى طرف دون آخر أو تبرير أفعال دولة على حساب أخرى. إنسانيتنا تُلزمنا بالدفاع عن حقوق الشعوب المظلومة، أينما كانت. والشعب الفلسطيني، الذي يعاني منذ عقود من الاحتلال، ليس بحاجة إلى من “يتفهم” الطرف الآخر بقدر ما يحتاج إلى من يقف معه ويدافع عن حقوقه المشروعة.
في المقال، يُغفل الشرعي ذكر حقائق جوهرية، مثل الاستيطان غير القانوني، والقتل الممنهج، والاعتداءات المتكررة على المدنيين، وكلها تُدين إسرائيل في القانون الدولي. بدلاً من ذلك، يحاول خلق مبررات واهية لتبرير الممارسات الإسرائيلية وكأنها دفاع عن النفس، متجاهلاً جذور المشكلة المتمثلة في الاحتلال والاضطهاد.
إذا أردنا فعلاً أن نعبر عن انتماء جامع، فلنقل “كلنا إنسانيون”، لأن هذه العبارة تحتضن العدل والمساواة، ولا تنحاز إلى طرف دون آخر. أما محاولة فرض هوية مشتركة مع دولة تحتل شعباً وتقمع حقوقه، فهذا يُعد خيانة لمفهوم الإنسانية ذاته.
القضية الفلسطينية ليست نزاعاً عابراً أو صراعاً مؤقتاً، بل هي قضية شعب يُسلب أرضه وحقوقه يومياً. من ينادي بشعارات مثل “كلنا إسرائيليون” يتجاهل السياق التاريخي والمعاناة الممتدة لعقود، مما يفرغ القضية من جوهرها الأخلاقي والإنساني.
إن الدفاع عن العدالة وحقوق الإنسان لا يتطلب منا التخلي عن هويتنا أو الانحياز لجانب على حساب الآخر. بدلاً من محاولة “تطبيع” الظلم، يجب أن نرفع شعار العدل والمساواة، وندافع عن حقوق الإنسان دون مجاملة أو تحيز.
لا، لسنا كلنا إسرائيليين. نحن مع الحق، مع العدل، ومع الإنسانية.