بعد أكثر من شهرين على إعلان التعديل الحكومي في المغرب يوم 23 أكتوبر الماضي، لا تزال غالبية كتاب الدولة الجدد ينتظرون صدور قرارات تفويض اختصاصاتهم، باستثناء قرارين صدرا بالجريدة الرسمية بشأن كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري وكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية، فيما يواجه الآخرون حالة من الجمود، ما أثار تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التأخير.
تأخر صدور قرارات التفويض، الذي يشمل كتاب الدولة المنتمين إلى حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، يتركهم في وضع معلق وغير قادرين على أداء مهام محددة، فبينما حصل كل من لحسن السعدي وزكية الدريوش، المنتميين إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، على تفويضات لمباشرة اختصاصاتهم، لا يزال أديب بن إبراهيم، هشام صابري، عمر حجيرة، وعبد الجبار الرشيدي، ينتظرون تفويضات من وزرائهم الوصيين.
الباحث في العلوم السياسية، عبد الله الهندي، أوضح في هذا التأخير قد يعكس “ضعف التنسيق السياسي داخل الحكومة، وهو ما يؤثر سلبا على فعاليتها”. مضيفا أن “التأخر في إصدار قرارات التفويض لا يقتصر على كونه إجراء إداريا بحتاً، بل يعكس وجود إشكاليات أعمق تتعلق بتحديد المسؤوليات داخل الحكومة. لكون غياب التفويض يجعل من كتاب الدولة مجرد أسماء بلا مهام، ويضعهم في موقف محرج أمام الرأي العام، خصوصاً أن العديد منهم مرتبط بقطاعات حيوية تتطلب تحركا سريعا”.
وأشار إلى أن “التأخر في هذه القرارات يمكن أن يكون ناتجا عن صراعات داخلية أو خلافات بين الوزراء وكتاب الدولة، ما يؤدي إلى تعطيل العملية الحكومية بشكل عام. كما أن هذا الوضع يضعف مصداقية الحكومة في نظر المواطنين الذين ينتظرون حلولاً سريعة للأزمات الاقتصادية والاجتماعية”.
وختم المتحدث تصريحه لجريدة “العمق” بأن “هناك حاجة ملحّة لإعادة النظر في طريقة إدارة التعديلات الحكومية وتوزيع المهام لضمان عدم تكرار هذه الإشكاليات مستقبلا”.
التعديلات الحكومية التي تضمنت ستة وزراء جدد وكتّاب دولة، واجهت انتقادات بسبب ما وصفه مراقبون بـ”ارتفاع منسوب التسييس”، لكون كتاب الدولة الجدد تم تعيينهم بناءً على انتماءاتهم الحزبية لضمان توافقهم السياسي مع الوزراء الوصيين، ورغم أن هذا “المعيار” قد يساهم في تسريع وتيرة العمل الحكومي، إلا أنه يُنظر إليه أيضا كخطوة تعزز النفوذ الحزبي داخل الحكومة، ما أثار حفيظة عدد من نواب المعارضة الذين حذروا من “هدر زمن الإصلاحات”.
وفيما يتعلق بقرارات التفويض التي صدرت، نصت الجريدة الرسمية على تفويض زكية الدريوش لممارسة الاختصاصات المرتبطة بالصيد البحري، بما في ذلك اقتراح المرشحين للمناصب العليا المرتبطة بهذا القطاع. وفي السياق ذاته، مُنح لحسن السعدي صلاحيات إعداد الاستراتيجيات الوطنية وتنفيذ السياسات المرتبطة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
يشار إلى أن المغرب شهد المغرب ارتفاعا ملحوظا في عدد كتاب الدولة، حيث ضمت حكومة عبد الرحمن اليوسفي تسعة كتاب، وحكومة إدريس جطو ستة، وصولا إلى حكومة سعد الدين العثماني التي شهدت تعيين 13 كاتب دولة، وهو ما يراه عبد الله الهندي “تضخماً إدارياً وبيروقراطياً يزيد من تعقيد عملية التنسيق الحكومي”.
أما عند السند القانوني لتعيين كتاب الدولة، فتنص الفقرة الأولى من الفصل 87 من الدستور المغربي لسنة 2011، على أن الحكومة تتألف من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضم كتّاباً للدولة.