DR
مدة القراءة: 3′
اختلف المسلمون حول رسم صور للرسول محمد (ص) بين من يبيح ذلك كما هو الحال عند بعض الفرق الشيعية، وبين من يحرم ذلك كما هو الحال عند أهل السنة والجماعة. لكن هذا الاختلاف لم يمنع المحكمة العليا الأمريكية في واشنطن، من نحت صورة للنبي محمد (ص) إلى جانب أعظم المشرعين الذين عرفهم العالم عبر التاريخ على إحدى جدرانها، تكريما له.
ففي سنة 1935 قامت المحكمة العليا الأميركية بتكريم الرسول محمد في لوح ديكوري بالحفر التطريزي قام بإنجازه الفنان الأميركي من أصل ألماني أدولف ألكسندر واينمان، وتضمن اللوح نحوتا لأشخاص متجاورين.
وتم تثبيت هذه القطعة الفنية على يمين غرفة القضاة في الجدار الشمالي لمقر المحكمة، وتظهر صورة نبي الإسلام وهو يحمل قرآنا بيده اليسرى مكتوب عليه كلمات باللغة العربية، فيما يحمل باليد الأخرى سيفا كرمز لقوة القانون والعدل.
واختار صاحب اللوحة الذي توفي في 1952، أن يعرف عمله الفني بالقول “النبي محمد واحد من أعظم المشرعين في العالم، والقرآن يوفر المصدر الأساسي للشريعة”، وأراد اجتناب ما قد يثيره هذا الرسم من جدل لعلمه باختلاف المسلمين حول رسم نبيهم، وكتب “الرسم لا يظهر أي تشبيه لشخصية النبي محمد (ص)، فالمسلمون ينفرون بقوة من أي تصوير نحتي لنبيهم”.
ويوجد وثيقة بالمحكمة تشرح العمل الفني الذي لا يزال موجودا بالمحكمة التي تعد أهم هيئة دستورية في أمريكا، تؤكد أن “النبي محمد واحد من أعظم المشرّعين في العالم، وأن القرآن يوفر المصدر الأساسي للشريعة، والنبي محمد قام بشرح وتعليم وتعزيز أحكام القرآن”.
وكان رسول الإسلام الوحيد الذي ذكر اسمه بين تسع شخصيات نحتهم الفنان الأمريكي، علما أنها احتوت على نحت لحمورابي (حكم من سنة 1792 إلى سنة 1750 قبل الميلاد) سادس ملوك بابل وهو أول ملوك الإمبراطورية البابلية، المشهور بوضعه مجموعة قوانين بابلية يبلغ عددها 282 مادة قانونية.
كما ضمت الجدارية صورة لكونفوشيوس (551 – 479 قبل الميلاد) الذي يعتبر أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي، إضافة إلى النبيين موسى وسليمان…
وبعد سنوات من وجود الجدارية وبالضبط خلال سنوات التسعينات، عبر بعض المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية عن انزعاجهم من تصوير النبي محمد، وطلب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “كير” سحب القطعة التي تجسد نبي الإسلام.
وقال المجلس في حينه “إننا نعتقد أن المحكمة كان لديها نية حسنة بتكريم النبي، (…) نحن نقدر ذلك، ونحن على استعداد لدفع ثمن تغيير الجدارية”.
وتابع المجلس “بإمكانهم إخفاء ملامح الوجه (…) اقترحنا أن يستبدلوا صورة النبي بقطعة من الرخام وربما بآية من القرآن أو حديث نبوي يتحدث عن العدالة والقانون”.
لكن المحكمة رفضت ذلك بحجة أنه سيؤثر علي بنية الجدارية بأكملها، وأن “المقصود من تصوير النبي محمد كان فقط التعرف عليه، من بين العديد من المشرعين الآخرين، كشخصية مهمة في تاريخ القانون”.
بالمقابل قبلت المحكمة تغيير العبارة التي تشير في وثائقها التي تتحدث عن الجدارية، إلى أن النبي محمد هو “مؤسس الإسلام” بعبارة “نبي الإسلام”.