الإثنين, يناير 27, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيقصة السبعة رجال: مول السلاسل ومانح السكن والسكينة للمراكشيين

قصة السبعة رجال: مول السلاسل ومانح السكن والسكينة للمراكشيين


أمينة المستاري

ارتبط اسم مدن مغربية بأسماء رجالها، سواء الصالحين أو الفقهاء والعلماء والمتصوفين، ممن اضطلعوا بدور مهم في نشر الوعي الفكري والسياسي والصوفية.

بمراكش المدينة الحمراء أو مدينة “سبعة رجال” التي اعتبرت مدفن مجموعة من الفقهاء والصالحين، استطاعوا من بين المئات من الصالحين أن يفرضوا تواجدهم، حيث يقال بمراكش أن ” كل قدم بولي” دليلا على المئات من الأولياء، حتى كاد كل حي يرتبط باسم ولي صالح.

أبو فارس عبد العزيز ابن عبد الحق الحرار أو الملقب ب”التباع” …هو أحد حراس المدينة الحمراء السبعة، عالم صوفي ووريث سر الشيخ الإمام محمد بن سليمان الجزولي، عمدة التربية والتصوف والذي تخرج على يده تلميذه عبد الله الغزواني “مول القصور” وتبعه الكثيرون لذلك سمي ب”التباع”.

كان التباع حرارا يشتغل كصانع تقليدي في حياكة الحرير في مراكش، قبل أن يبدأ رحلة العلم، فأصبح عالما وشيخا كاملا يغوص في بحر العرفان على يد شيخه أبي عبد الله الصغير السهلي والإمام الجزولي.

اعتبره الدكتور حسن جلاب في كتابه “سبعة رجال” شخصية غامضة، بل وأكثر غموضا من شخصية شيخه الجزولي، فقد أشار إلى أن نسب هذه الشخصية مجهول مع أن النسب محدد أساسي في اختيار الرجال السبعة لمراكش، كذلك تحدثت مصادر عن أميته في بداية الأمر لكن بعد مغادرته للشيخ عبد الله الصغير، زار الشيخ ابن يعزى فبات عند قبره متضرعا ورأى في تلك الليلة كأن صدره شق وأدخل فيه القرآن فكان كلما خاطبه إنسان، أتاه بنص قرآني؛ هكذا مند البداية نجد هذا الولي، قد تكون في ليلة واحدة  بدون حاجة للمجاهدة والمكابدة.

فكل ما هو معروف عنه هو أنه من مواليد مراكش، غير أن تاريخ ميلاده غير معروف، وكذلك الأمر بالنسبة لنسبه، الذي يعد من بين المعطيات المهمة التي تدخل ضمن محددات اختياره لينتمي لقائمة سبعة رجال.

ويشير جلاب إلى أن عبد العزيز بن عبد الحق التباع كان قد ذهب إلى فاس ودرس بها، ولقي من أهلها مظاهر الحفاوة والاجلال، وكان يقيم بمدرسة العطارين، حيث سيبقى إلى أن التقى أبا الحسن علي بن محمد صالح الاندلسي، ليعود بعد ذلك إلى مراكش.

وتتحدث الروايات وبعض الكتابات على أن التباع سيلتحق بشيخه الثاني بعد مقتل الجازولي، وسيلازمه بزاويته في فاس لمدة ثمانية سنوات إلى أن يأذن له بالرجوع إلى مراكش لفتح زاويته بها.

وبعد عودته إلى مراكش، سيبني بها زاويته بحي القبابين (النجارين)، وسيهب له أحمد الأمين القسطلي أرضه لهذا الغرض، إذ سيحول هذه الزاوية إلى مكان مقدس للذكر الحكيم وللدراسة ليلا ونهارا.

وعن لقائه بالإمام الجزولي، جاء في كتاب حسن جلاب أن التباع اصطحب الشيخ إلى منزله وأقام عنده بمنزل والديه بالقصور، درب بن حارب، وكان الجزولي يصف التباع دائما “بالكيمياء” و” “الشوفة فيه تغني”.

بعد مقتل الجازولي، التحق التباع بشيخه الثاني سيدي محمد الصغير السهلي، ولازمه بخندق الزيتون 8 سنوات، يدرس عنه ويخدمه ويرعى ماشيته.

عاد التباع إلى مراكش وبنى بها زاويته بحي القبابين، بعد أن وهب له أحمد الأمين الأرض، وأصبحت له مكانة بين العلماء، واشتهر بقول الشعر الصوفي.

عند وفاته سنة 914هـ/1508م، ستتحول حومة المواسين التي دفن بها في مراكش إلى حي “سيدي عبد العزيز”، كما ستتحول زاويته إلى ضريح، بنيت عليه قبة تعرضت لمحاولة السرقة، سنة 1992 واختفى منذ ذلك الوقت.

الضريح اعتبر ملاذا للمتسولين الباحثين عن سكن ولو بالتمني وانتظار الوهم والسراب والفراغ، وللمرضى والباحثين عن السكينة، للمحبطين النازحين الذين لم يجدوا بمراكش سقفا يأويهم.

مرقد التباع يستحوذ على مساحة شاسعة بحومة تعتبر قلب الصناعة التقليدية بالمدينة، غير بعيد عن متحف مراكش ومدرسة ابن يوسف ودار بلارج، يحرس سيدي عبد العزيز الطريق التي تمر من جانبه ببابين مقوسين لا دفة لهما الأول في المدخل والثاني في المخرج، يبتعدان فيما بينهما بحوالي ثمانين مترا، وقد قام المجلس البلدي منذ سنوات بإزاحة السلسلتين اللتين تحرسان المدخل والمخرج المفتوحين على طريق تقود من باب فتوح إلى رياض العروس.

سلسلتا سيدي عبد العزيز ثبت طرفها الأول بالجانب الأيمن للباب على علو متر ونصف من الأرض، وفعل نفس الشيء بالطرف الآخر من جهة اليسار، ثم رفعت بسلسلة أخرى من الوسط  باتجاه  تقويسة الباب العلوية حتى أصبحت بدورها على هيئة قوس، كانتا تسمحان لعابر السبيل بالمرور بعد أن تقرع رأسه . حكاية هاتين السلسلتين غريبة، يقال إنها كانت تخطف نحو الأعلى اللصوص والمحتالين والكذابين، ويتذكر أحد  قاطني المدينة المسنين أنه عندما كان  صغيرا، صدق ما يروى عن السلستين وبما أنه كان يعمد لسرقة النقود من  شكارة أبيه فقد كان يتحاشى المرور من الطريق التي تحرسها، فيضطر لاختيار الطريق البعيدة، والملتوية على المرور من “جمارك”  سيدي عبد العزيز.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات