يشهد المغرب في الأيام الأخيرة نقاشًا متناميًا حول توصيات اللجنة الموكل إليها مراجعة مدوّنة الأسرة الصادرة سنة 2004 لا سيما بعد الكشف عن رأي المجلس العلمي الأعلى بخصوص القضايا التي تؤطرها نصوص دينية واجتهاد فقهية، خصوصًا في ما يتعلّق بتنظيم الذمّة المالية بين الزوجين وآليات اقتسام الممتلكات المكتسبة خلال فترة الزواج، إضافةً إلى مصير بيت الزوجية عند وفاة الزوج أو عند وقوع الطلاق. ويأتي هذا النقاش في سياق اجتماعي واقتصادي تغيّرت فيه معالم الحياة الأسرية عمّا كانت عليه قبل اعتماد المدوّنة، إذ باتت المرأة المغربية تشارك في سوق الشغل جنبًا إلى جنب مع الرجل، وتسهم بشكل فعّال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في حين لم تُواكب بعضُ الأحكام المتعلقة بالحقوق المالية هذا التطوّر بالشكل الكافي.
عند استقراء المدوّنة الحالية، نجدها تستند إلى مبدأ استقلال الذمّة المالية للزوجين، فهي لا تنصّ صراحةً على اعتبار الأموال المكتسبة أثناء الزواج على أنّها مالٌ مشترك يتقاسمه الزوجان عند انحلال العلاقة الزوجية. وقد حرصت المادّة 49 من مدوّنة الأسرة على فتح مجال لاتفاق تعاقدي مسبق بين الزوجين يُحدِّد كيفيّة اقتسام الأملاك المكتسبة أثناء قيام الزوجية، بيد أنّ الواقع العملي يُظهر عدم إقبال الكثير من الأزواج على إبرام مثل هذه العقود. وبمجرّد وقوع طلاق أو وفاة أحد الزوجين، يجد الطرف الأكثر هشاشة (غالبًا المرأة) نفسه أمام عقبة إثبات مدى مساهمته في تلك الممتلكات. ولئن كانت المادّة 49 نفسها تنصّ على إمكانية اللجوء إلى الخبرة أو القرائن لإثبات حجم المساهمة، إلّا أنّ مسطرة التقاضي في هذا الشأن معقدة ومكلّفة زمنيًّا وماليًّا، فضلًا عن أنّ عبء الإثبات قد يكون ثقيلًا على الزوجة التي قد لا تملك أدلّة خطّية أو إلكترونية. وتزداد الإشكالية تعقيدًا عند وفاة الزوج، حيث تدخل أحكام الإرث حيّز التطبيق فيُقتطع نصيب الزوجة وفق ما تحدّده القاعدة الشرعية، في حين قد تكون مساهمة الزوجة في تنمية الثروة العائلية متعدّدة الأوجه وغير موثّقة، إذ تشمل أعمال الرعاية وتدبير شؤون البيت والأبناء، وهي أعمال غير مأجورة ولا تُحتسب ضمن أي قاعدة قانونية محدّدة في أغلب الأحيان.
في هذا الإطار، ينطلق بعض المدافعين عن تعديل المدوّنة من ضرورة اعتماد مبدأ الذمّة المالية المشتركة لما يُكتسَب أثناء الزواج بشكلٍ قانوني أوتوماتيكي، بحيث تُعتبر جميع الأموال المنقولة والعقارات التي تُقتنى خلال فترة الزواج مِلْكًا مشتركًا للزوجين، باستثناء الهبات والإرث وما يثبتُ أنّه امتلاكٌ فردي حصل قبل الزواج أو باستعمال أموالٍ موروثة. ويستدلّ هؤلاء بالتجارب المقارنة في عدد من النظم القانونية، من بينها بعض الولايات الأمريكية مثل كاليفورنيا وتكساس وواشنطن، حيث يقوم نظام “Community Property” على فكرة أنّ أيّ مالٍ يتمّ تحصيله من عمل أو استثمار خلال الزواج ينتمي إلى كلا الزوجين بالتساوي، وعند الطلاق أو وفاة أحدهما يُقسّم ذلك المال إلى حصتين متماثلتين. أمّا في فرنسا، فيُعتمد بمقتضى القانون المدني (المواد 1397 إلى 1496) نظام “Communauté réduite aux acquêts” بوصفه النظام الافتراضي، ويُقصد به أنّ الممتلكات التي تُكتسب أثناء الزواج تصبح خاضعة لحقّ الملكية المشتركة، بينما يحتفظ كلّ طرف بما كان له قبل الزواج أو بالممتلكات التي تؤول إليه عن طريق إرث أو هبة. وتُشير هذه التجارب إلى أنّ تبنّي الذمّة المشتركة يسهّل مسطرة التقسيم ويحدّ من النزاعات القضائية، إذ يكون الزوجان مُلمّين مسبقًا بما ينتظرهما في حال إنهاء العلاقة الزوجية لأيّ سبب.
غير أنّ فكرة إقرار الذمّة المشتركة في سياق المنظومة القانونية المغربية تُثير جدلًا فقهيًّا وقانونيًّا، أبرزُه مدى انسجام هذا التصوّر مع مقتضيات الإرث الواردة في القرآن الكريم، والتي تحدّد نصيب الزوجة في ثمن التركة إن وُجد فرع وارث (الأبناء)، أو في ربعها إذا لم يوجد فرع وارث (الآية 12 من سورة النساء). إذ يرى المعترضون على دمج الأموال المكتسبة في وعاء مشترك أنّ في ذلك تعارضًا مع المبادئ العامّة للميراث، بحيث إذا تُوفّي الزوج وكان قد كوّن ثروة لا تُفرّق بين “المكتسب أثناء الزواج” و”الأموال القديمة”، فقد تجد الزوجة نفسها تستأثر بجزء أكبر من حقّها الشرعي، ويُحرَم بقيّة الورثة من نصيبهم المفترض. لكنّ دعاة الذمّة المشتركة يردّون بأنّ إرث الزوجة يُحتسب على الأموال العائدة للزوج وحده، فيما تُعَدّ الأموال التي امتلكتها الزوجة بالمناصفة جزءًا من مالها الخاص بعد القسمة، وبالتّالي يُصبح نصيبها في الإرث هو نصيبها من مال الزوج الحقيقي، وليس من مالها هي. ويعتبر هؤلاء أنّ الفصل بين الممتلكات المشتركة للزوجين والمال الخاص بالزوج المتوفّى يُتيح تطبيق أحكام الإرث على الجزء الخاصّ به فحسب، ما يعني احترام النصّ الشرعي مع الحفاظ على حقوق الزوجة في ما ساهمت فيه ماليًّا أو عمليًّا.
وفي السياق نفسه، ثار جدل حول اقتراح لجنة تعديل المدونة بعد استقراء رأي المجلس العلمي الأعلى، بمنح الزوجة حقّ التصرّف في بيت الزوجية أو البقاء فيه مدى الحياة بعد وفاة الزوج، حتّى وإن أدّى ذلك إلى حرمان الورثة الآخرين من انتفاعهم بملكٍ قد يكون انتقل إليهم شرعًا في الميراث. وترصد بعض الآراء احتماليّة تعارض هذا التصوّر مع أحكام الميراث وحقوق الآخرين، وخاصةً النساء من أفراد الأسرة كالأم أو الأخوات أو البنات من الزوجة السابقة، وذلك بالنظر إلى أنّ سكوت النصوص الشرعية عن منح الزوجة حقًّا حصريًّا في السكنى الدائمة لا يعني حصر البيت لها دون غيرها من الورثة. ويذهب جانب من الاجتهاد الفقهي إلى أنّه يجوز للزوج قبل وفاته أن يُبرم وصيّة لزوجته تمكّنها من سكنى البيت المشترك لفترة معيّنة، لا أن يكون هذا الحقّ أبديًّا، وذلك درءًا للشقاق بين الورثة. ويستدلّ هذا الفريق بضرورة الحفاظ على مقتضيات العدل في توزيع التركة، تطبيقًا لنصوص الكتاب والسنة وإجماع الفقهاء.
غير أنّه، من جهة أخرى، لا تخفى على الممارسين في مجال القضاء الأسري حقيقة أنّ فقدان الزوجة لحقّ السكنى مباشرةً بعد وفاة زوجها قد يُعرّضها للتشرّد أو الإهمال، خاصّةً إن لم يكن لديها مصدر رزق مستقلّ أو كانت متقدّمة في السنّ أو مسؤولة عن أطفال قاصرين. ومن ثَمّ يُستحسن أن ينظّم القانون المغربي آليّة تحمي حقّ الزوجة في السكنى مؤقّتًا إلى حين توزيع التركة، مع إمكانيّة إعطائها الأولويّة لاقتناء حصص باقي الورثة، إن كانت مستعدّة للتعويض، فتحتفظ بالمنزل وتدفع لهم مقابلًا ماليًّا بالمقدار نفسه. ويُعدّ هذا التصوّر، في نظر الكثيرين، أكثر توازنًا من حرمانها كلّيًّا من السكن أو حرمان الورثة الآخرين من نصيبهم، ذلك أنّه يزاوج بين مقتضيات المواريث وحاجة الزوجة إلى الاستقرار.
ولا يخفى أنّ مسألة اقتسام الممتلكات المكتسبة خلال الزواج ليست مجرّد إشكالية قانونية صرفة، بل تتّصل بعدّة أبعاد اجتماعية واقتصادية، أبرزها وضعية المرأة في سوق الشغل ومدى توفّرها على استقلالية مالية. فحين تكون الزوجة عاملة وتتلقّى أجرًا شهريًّا يساهم بوضوح في الدخل الأسري، يسهُل تحديد نصيبها في الملكية المشتركة. لكنّ الإشكال يبرز عندما تتفرّغ للعمل المنزلي ورعاية الأطفال، وهي أعباء غير مرئية من الناحية المالية لكنّها جوهرية في بناء الأسرة واستقرارها. في هذا السياق، تُطرح فكرة تعويض المرأة ربة البيت عن جُهدها المنزلي من خلال آليات تموّلها الدولة عبر صناديق التضامن والحماية الاجتماعية، تأسيًا بتجارب رائدة في بعض البلدان الاسكندنافية مثل السويد والنرويج، حيث تحصل الأمهات اللواتي يتفرّغن للعناية بالأبناء على منح ومساعدات شهرية، إضافةً إلى احتساب سنوات التفرغ المنزلي ضمن سجلّ التقاعد. كما تطبّق كندا بدورها نموذجًا للدعم العائلي، إذ تمنح “Canada Child Benefit” للأسر وفق عدد الأبناء ومستوى الدخل، ما يُخفّف العبء المالي عن الأم التي لا تعمل بدوامٍ كامل. وتسمح هذه المقاربات بالاعتراف الاجتماعي والقانوني بقيمة العمل المنزلي غير المرئي، دون الاضطرار إلى التوسّع في تجميد أملاك موروثة أو تعطيل نصيب الورثة الآخرين.
ولعلّ أبرز نقطة التقاء بين المقترحات الداعية إلى إقرار الذمّة المشتركة والمقترحات المعنية بتعويض ربة البيت عن دورها في الرعاية المنزلية، تكمن في ضرورة إطلاع الزوجين منذ البداية على الحقوق والواجبات المالية المترتّبة على الزواج. فكما أنّ مدوّنة الأسرة تشترط توثيقًا واضحًا في عقد الزواج يتناول المهر ووليّ الزوجة، فإنّها في المادّة 49 تترك مسألة تنظيم الأموال المكتسبة أثناء الزواج لاختيار الزوجين، ما يحتّم تدخّل المشرّع لتعزيز إلزامية اللجوء إلى مثل تلك العقود أو جعل نظامٍ ماليّ محدّد هو الأصل، إلّا إذا اتفق الزوجان على خلاف ذلك. كما يمكن الاستئناس بتجربة دول عربية أخرى، مثل تونس التي اعتمدت في مجلّة الأحوال الشخصية إمكانية التنصيص الواضح على “نظام الاشتراك في الأملاك” بوصفه خيارًا إضافيًا إلى جانب النظام الافتراضي القائم على فصل الأموال، وقد نجح هذا النظام التعاقدي في درء جملة من النزاعات المتعلقة بتحديد ملكيّة العقارات والمنقولات.
من جهة ثانية، يرى البعض أنّ أيّ توجّه نحو توحيد الذمّة المالية يجب أن يراعي خصوصية المجتمع المغربي، وأن يتمّ ضمن إطارٍ فقهيّ مواكب لطبيعة العصر، حتّى لا تُثار شُبهات مخالفة الشريعة. إذ يلاحظ المتتبعون أنّ الاجتهاد الإسلامي المعاصر يعترف بفكرة “اشتراك المرأة في الربح إذا كانت مساهمة بجهدها”، ويستدلّون بجهود بعض المجامع الفقهية التي ذهبت إلى جواز التعويض عن الأعمال المنزلية إذا كان ذلك بموجب عقد أو عرفٍ مُقرّ، طالما أنّه لا يصادم نصًّا شرعيًّا قاطعًا. فلا مانع إذن، من الناحية الفقهية، من أن تنظّم الدولة إطارًا قانونيًا يؤسّس للمقاصد الشرعية في حفظ المال وحماية الأسرة، بشرط ألّا يتمّ هضم حقوق بقيّة الورثة أو إهدار النصوص القطعية الواردة في الميراث.
من هذا المنطلق، يبدو أنّ الرؤية الإصلاحية الناجعة تقتضي المقاربة الشمولية التي تجمع بين ثلاثة أمور:
- أوّلها، تمكين الزوجين من اختيار نظامٍ ماليّ صريح منذ بداية الزواج، مع حثّهما قانونيًا عبر مقتضيات تشريعية أو تحفيزات ضريبية على توثيق طبيعة النظام المالي الذي يحكمان به علاقتهما، كأن ينصّ العقد على الذمّة المالية المشتركة أو على التفصيل في نسبة كل طرف في أيّ مالٍ سيُكتسب مستقبلًا.
- ثانيها، إقرار آليات فعّالة لتعويض المرأة غير العاملة عن جهدها المبذول في رعاية الأطفال وتدبير البيت، سواء من خلال صندوق تضامن عائلي أو منح شهرية تؤدى من خلال نظام الحماية الإجتماعية، واحتساب سنوات العمل المنزلي ضمن التقاعد، على غرار التجارب الاسكندنافية والكندية.
- ثالثها، ضبط مسألة الميراث بوضوح في حالة وفاة أحد الزوجين، بحيث لا تُمَسّ القسمة الشرعية في حقّ الورثة الآخرين، مع التنصيص على أنّ ما يخصّ الزوجة من “الأموال المشتركة” يُعدّ جزءًا من مالها الخاصّ، فيما يبقى مال الزوج المتوفّى وحده مشمولًا بقسمة التركة، مع تخويلها الأولوية في حق الشفعة.
إنّ الإشكالات التي رافقت مدوّنة الأسرة في هذا الصدد تعود في جزء كبير منها إلى ضعف الوعي المجتمعي بأهميّة التعاقد المالي بين الزوجين، وإلى غياب تحفيزات واقعية لمثل هذا التعاقد، إضافةً إلى محدودية التعويضات الاجتماعية المخصّصة للأمهات أو ربات البيوت. وإذا كان المشرّع المغربي قد سنّ قاعدة المرونة والتخيير في تدبير الشؤون المالية للأسرة، فإنّ الواقع يثبت حاجة ماسّة إلى ضوابط أكثر دقّة، تكفل للمرأة والرجل معًا حقوقهما عند انحلال الرابطة الزوجية، وتحول دون الإضرار بالورثة الشرعيين في آن واحد. وبالعودة إلى بعض الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم الأسرة في المغرب، يتبيّن اختلافٌ واسع في التطبيقات العملية للمادّة 49 وفق السلطة التقديرية للقضاة، ما قد يخلق نوعًا من الاضطراب القانوني وعدم انسجام الأحكام. ومن ثَمّ، سيكون من المفيد مراجعة النصّ التشريعي بطريقة تتضمّن تفصيلًا أوضح لمعالم التوازن المطلوب، والاستفادة من آراء الفقه الإسلامي المعاصر وخبراء القانون المقارَن، مع الإنصات لاحتياجات المجتمع.
كما ينبغي ألّا يُفهم من وراء هذه المقترحات أنّ هناك رغبة في التوسّع على حساب حقوق الورثة الآخرين، بل إنّ المسألة أعمق من ذلك، إذ تهدف أساسًا إلى إرساء قواعد عادلة وواضحة تمنع إجحاف المرأة التي ساهمت طوال سنوات في بناء بيتٍ وأسرة، سواء بجهدها البدني أو بأموالها الخاصة، وفي الوقت نفسه تصون حقوق سائر الورثة المنصوص عليهم شرعًا وقانونًا. وقد تتجسّد هذه الغاية في اعتماد صيغة تشريعية تُميّز بين ما يُعتبر مالًا خاصًّا للزوج المتوفّى حتى قبل الزواج أو خلاله دون مساهمة ملموسة من الزوجة، وبين ما أُنشئ عن طريق جهد مشترك، فيُصبح من نصيب الزوجة قبل الدخول في حسابات الميراث، فيما يخضع المال المتبقّي لتقسيم الإرث الشرعي بالكيفية التي يحدّدها القرآن والسنّة وإجماع الأمة. إنّ هذا المفهوم يضمن الانسجام مع المقاصد الشرعية في العدالة وحفظ الحقوق، ويأتي متناغمًا مع تجارب قانونية مقارِنة أثبتت نجاعتها في تقليل الخلافات والخصومات بعد وقوع الطلاق أو الوفاة.
ويتعلّق جانب آخر من الإشكالية بضرورة تعزيز الثقافة القانونية لدى الشباب المقبلين على الزواج، إذ ليس من الكفاية أن يقتصر دور العدول على تلاوة بنود عقد الزواج والمراجع اللازمة، دون الخوض في تبعات الوضع المالي والمستقبل الاقتصادي للزوجين. فلو أُدرِجَت في المناهج التعليمية وفي برامج التوعية الإعلامية مكوّنات أساسية تشرح للرأي العام طبيعة الأنظمة المالية بين الزوجين وفوائد كلٍّ منها والخيارات المتاحة قانونيًّا، لأمكن تفادي معظم النزاعات التي تطرأ لاحقًا بسبب الجهل أو سوء الفهم.
ومن المأمول في النهاية أن تؤدّي هذه المراجعات إلى تحقيق توازنٍ أدقّ بين حماية الحقوق المالية للزوجة وتمتين بنية الأسرة، مع مراعاة الحقوق الشرعية لباقي الورثة، وعدم تغافل الدور المحوري الذي تلعبه الدولة في توفير آليات الحماية الاجتماعية. فالتشريع الأسري، وإن كان ركنًا أساسيًّا في ضبط العلاقات الزوجية وتحديد الحقوق والواجبات، لن يكون وحده كافيًا ما لم تُفعَّل سياسات اجتماعية واقتصادية تضمن قدرًا من الاستقلالية المادية للمرأة وتُعلي من شأن العمل الرعائي المنزلي. وحين تتكامل تلك السياسات مع نظامٍ قانونيّ يحدد الذمّة المالية بشكلٍ واضح منذ البداية، يمكن عندئذ أن نتحدّث عن إصلاحٍ حقيقيّ يعكس الدينامية المجتمعية ويحافظ على الخصوصية الدينية والثقافية للمغرب، وفي الوقت نفسه يفتح المجال أمام تقليل النزاعات وتحقيق مزيد من الطمأنينة والاستقرار داخل الأسرة المغربية.