في جلسة مطولة، ورغم الجدل الواسع والغضب الكبير الذي أبدته النقابات، تمكنت الحكومة بمعية أغلبيتها البرلمانية بمجلس النواب من تمرير مشروع قانون الإضراب.
عملية التصويت على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب تمت في جلسة عمومية دامت لأكثر من عشر ساعات.
ووصف وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، المصادقة على المشروع بأنها “مسؤولية تاريخية”.
وأكد أن القانون سيحقق التوازن بين تعزيز الحريات النقابية وبين الحفاظ على استمرارية الخدمات والمصالح الاقتصادية.
التصويت والنتائج
وتمت إجازة مشروع القانون المذكور بالأغلبية، حيث حظي بموافقة 124 نائباً، مقابل معارضة 41 نائباً.
وشدد الوزير السكوري في تفاعله مع البرلمانيين على أن هذا النص يشكل محطة أساسية في مسار تعزيز دولة القانون والمؤسسات، مشيراً إلى التزام الحكومة بتوجيهات الملك محمد السادس التي دعت إلى الإسراع بتنزيل القوانين التنظيمية المرتبطة بالحقوق والحريات.
التعديلات والمستجدات
خلال الجلسة، تمت دراسة ومناقشة أكثر من 330 تعديلاً قدمتها الحكومة والفرق البرلمانية، بالإضافة إلى نواب غير منتسبين.
ومن أبرز التعديلات التي شهدها المشروع إضافة فروع جديدة، شملت التعاريف، ومجالات التطبيق، والمبادئ العامة.
كما تم إعادة صياغة المادة 4، إذ تم الاتفاق على تحديد الأطراف المخولة بممارسة الإضراب، مع حذف منع الإضراب لأهداف سياسية.
وتم إضافة مادة جديد تتعلق بتنظيم الإضراب في المرافق الحيوية، إذ نصت المادة على ضرورة توفير حد أدنى من الخدمة في قطاعات حيوية مثل الصحة، والنقل، والقضاء.
الأهم من ذلك، تم حذف العقوبات الحبسية من القانون، من خلال حذف الإشارة إلى “العقوبة الجنائية الأشد” وإلغاء العقوبات السالبة للحرية.
توسيع الفئات المشمولة بالاضراب، ويتعلق الأمر بالعاملات والعمال المنزليين، الذين أضيفوا إلى المادة الثانية، حيث تم تعديل المادة الثانية لإدراج هذه الفئة ضمن المستفيدين من حق الإضراب.
أما فيما يتعلق بالإضراب في المرافق الحيوية، فقد أضيفت مادة تنص على ضرورة توفير حد أدنى من الخدمة في القطاعات الحيوية، كالمؤسسات الصحية والنقل.
وبخصوص الإجراءات القضائية، فقد نصت المادة 20 على إمكانية اللجوء إلى القضاء الاستعجالي لإيقاف الإضراب إذا تسبب في تهديد النظام العام أو أخلّ بتقديم الحد الأدنى من الخدمات.
فضلا عن ذلك تم تغيير مضامين المادة 16 لتشمل مهام الجهة الداعية للإضراب، من تأطير المضربين وضمان تنظيم الإضراب بشكل يحترم القانون.
مواقف الحكومة والمعارضة
وفي معرض دفاعه عن مشروع القانون، شدد الوزير السكوري على أن النص يوازن بين حماية حقوق العمال وضمان استمرارية المرافق والخدمات.
وأكد أن العقوبات المقترحة تستهدف تحقيق الردع دون المساس بحرية ممارسة الإضراب.
من جهة أخرى، أبدت المعارضة تحفظات على بعض البنود، واعتبرت أن بعض المواد قد تقيّد الحق الدستوري في الإضراب.
وركزت النقاشات على مواضيع مثل تقليص آجال الإشعار بالإضراب، ومنع استقدام عمال لتعويض المضربين.
أهمية المشروع
أبرز الوزير السكوري أن مشروع القانون يمثل خطوة نحو تنظيم الحريات النقابية وفق المعايير الدستورية، مؤكداً التزام الحكومة بمواصلة الحوار مع مختلف الأطراف لضمان تفعيل القانون بشكل يخدم المصالح الوطنية العليا.