أعلنت الوكالة الوطنية الزراعية بروسيا ان صادرات القمح اللين الروسي إلى السوق المغربية سجلت مستوى قياسيا جديدا منذ بداية الموسم الزراعي الحالي، الذي يبدأ في روسيا من يوليوز بالنسبة للحبوب، حيث بلغت حوالي 900 ألف طن.
وأشارت الوكالة إلى أن هذه الكمية تتفوق بفارق كبير على صادرات فرنسا، التي كانت تعتبر سابقا المصدر الرئيسي للقمح إلى المغرب، إذ لم تصدر فرنسا سوى 190 ألف طن خلال الموسم الحالي، بينما بلغ إجمالي صادرات دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك بلغاريا ورومانيا، حوالي 770 ألف طن.
وفي تصريح لإيغور بافينسكي، رئيس قسم تحليل الأسواق الزراعية في شركة “روس أغرو ترانس”، أوضح أن النمو الحاد في الصادرات الروسية يعود إلى الأسعار التنافسية والجودة العالية للقمح الروسي، حيث تتراوح نسبة البروتين فيه بين 11.5 بالمائة، مقارنة بالقمح الفرنسي الذي يحتوي في الغالب على نسبة 11 بالمائة فقط.
وأضاف بافينسكي أن الأسعار الروسية حافظت على مستويات منخفضة، حيث بلغت 235 دولارا للطن وفقا لشروط FOB، مقارنة بـ 248 دولارا للقمح الفرنسي.
وأشارت الوكالة الروسية إلى ان هذه الصادرات تأتي في وقت حرج بالنسبة للمغرب، حيث أدت موجات الجفاف المتكررة إلى انخفاض إنتاج القمح المحلي بنسبة 40 بالمائة مقارنة بالموسم السابق، ليصل إلى 2.5 مليون طن فقط. ووفقا للتقديرات الأولية، تسعى المملكة إلى زيادة وارداتها من القمح من 4-6.5 مليون طن إلى 7.5 مليون طن هذا العام، لتلبية احتياجات السوق المحلي.
وتشير التوقعات إلى أن روسيا قد توسع صادراتها إلى المغرب مستقبلا لتشمل أنواعا أخرى من الحبوب، مثل القمح الصلب والشعير، مستفيدة من زيادة إنتاجها المحلي.
يذكر أن هذه التطورات تأتي في ظل جهود روسيا لتعزيز تعاونها الزراعي مع عدد من الدول الإفريقية، بما في ذلك الجزائر، مصر، نيجيريا، السودان، وجنوب إفريقيا، حيث بلغت قيمة صادراتها الزراعية إلى القارة حوالي 1.2 مليار دولار العام الماضي، ومن المتوقع أن تصل إلى 1.5 مليار دولار هذا العام.
وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كشفت أن الجفاف غير المسبوق الذي تعيشه البلاد خلال السنوات الأخيرة أثر بشكل كبير على القطاع الفلاحي عامة، وعلى القطيع الوطني خاصة، من حيث الأعداد والمردودية، مما أدى إلى اختلال توازن تكاثر القطيع.
وأشارت الوزارة إلى أن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء يعود إلى انخفاض العرض وتراجع أعداد رؤوس الماشية، بسبب تراجع الغطاء النباتي نتيجة قلة الأمطار وارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة.
ولمواجهة هذه الوضعية، أوضحت الوزارة، أنها اتخذت عدة إجراءات، من بينها تعليق رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة المطبقة على استيراد العجول والأغنام، ودعم الأعلاف باستمرار، ومنع ذبح إناث الأبقار الموجهة للتوالد من أجل المحافظة على القطيع. وأكدت الوزارة أن هذه الإجراءات ساهمت في الحد من تراجع أعداد القطيع واستقرار الأسعار.
وفي سياق حماية القدرة الشرائية للمواطنين، قررت الحكومة تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة المتعلقة باستيراد اللحوم الحمراء لضمان تموين عادي للسوق المحلية وتحسين العرض في الأسواق والدفع بالأسعار نحو التراجع.
وفي هذا الصدد، تم إعداد دفتر التحملات الخاص بهذه العملية، والذي يمكن سحبه من البوابة الإلكترونية للوزارة، وأكدت الوزارة أن اللحوم الحمراء المستوردة ستكون لحوما حلال، وأن أي عملية استيراد يجب أن تتوفر على شهادة الذبح الموافقة للطريقة الإسلامية، وستتم تحت المراقبة الصارمة لمصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
و شهدت أسعار اللحوم الحمراء في المغرب ارتفاعا غير مسبوق، ما يجعلها تشكل عبئًا إضافيا على الأسر المغربية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، وأبرزها الجفاف المستمر الذي أثر على إنتاج الأعلاف وزيادة تكاليف الاستيراد، و عرفت هذه الزيادة الكبيرة في الأسعار أثرت بشكل مباشر على قدرة المواطن المغربي، الذي يعاني من تضخم داخلي وضعف القدرة الشرائية، مما دفع الحكومة إلى البحث عن حلول لتخفيف هذا العبء.
و جاءت خطوة الأرجنتين الاستراتيجية لدخول السوق المغربي من خلال تصدير لحوم الأغنام والماعز الحلال، لتكون بمثابة بارقة أمل للمستهلكين المغاربة. فالأرجنتين، التي تتمتع بسمعة قوية في إنتاج اللحوم عالية الجودة، استجابت لتحديات السوق المغربي من خلال تصدير منتجات تلبي المتطلبات الثقافية والدينية للمغاربة، حيث يشترط السوق المغربي أن تكون اللحوم مصحوبة بشهادات صحية توثق عملية الذبح الحلال، وهو ما يتيح للمستهلكين الحصول على منتجات عالية الجودة، وفي الوقت الذي يعاني المغرب من زيادة الطلب على اللحوم، وخاصة لحوم الأغنام والماعز، تظهر الأرقام أن البلاد بحاجة ماسة لاستيراد كميات أكبر لتلبية هذا الطلب المتزايد. ومع ازدياد التحضر وتوسع المدن الكبرى مثل الدارالبيضاء والرباط، يرتفع الطلب على اللحوم، مما يجعل اللحوم الأرجنتينية خيارًا تنافسيًا، حيث تعرف هذه اللحوم بجودتها العالمية وأسعارها المعقولة مقارنة بمنتجات أخرى. ومع انضمام المغرب إلى قائمة الدول التي تستورد اللحوم الأرجنتينية، يتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تخفيف حدة الارتفاع في الأسعار المحلية.
وجاءت اتفاقية مع شركات إسبانية لتوريد اللحوم الحمراء إلى المغرب بأسعار منخفضة مقارنة بالسوق المحلي، إذ توصل وفد مغربي إلى اتفاق مع سبع شركات إسبانية على توريد اللحوم بسعر 7.65 أورو للكيلوغرام (أي ما يعادل 80 درهما)، مما يساهم في تقليل تكاليف اللحوم في الأسواق المحلية. ومن المتوقع أن تساهم هذه اللحوم في تحسين وضع السوق، حيث ستتوفر بأسعار تتراوح بين 70 و80 درهمًا للكيلوغرام، ما يعد خيارًا أقل تكلفة مقارنة باللحوم المحلية.
و تشير تقارير اقتصادية إلى أن الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم يعود إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المعقدة. فالجفاف المستمر أدى إلى زيادة تكاليف الأعلاف، مما رفع تكاليف إنتاج اللحوم. كما ساهمت تقلبات الأسواق العالمية في زيادة أسعار الاستيراد، مما أثر بدوره على الأسواق المحلية. ومع تدهور القدرة الشرائية للمستهلك المغربي بسبب التضخم، أصبحت اللحوم الحمراء من المنتجات الأساسية التي يصعب الوصول إليها بالنسبة للكثيرين، وتراوحت أسعار اللحوم الحمراء في الدارالبيضاء ما بين 100 و120 درهما للكيلوغرام الواحد مقابل 70 أو 75 درهما في السابق.
و تتوقع الحكومة أن يساهم التوسع في استيراد اللحوم الحمراء من الأرجنتين وإسبانيا في خلق منافسة قوية في السوق المحلي، ما قد يؤدي إلى انخفاض تدريجي في الأسعار. وهذه الخطوة لا تعد فقط حلا اقتصاديا، بل تعكس أيضًا أهمية التعاون التجاري بين المغرب وكل من الأرجنتين وإسبانيا. ويعتبر الخبراء أن توسيع الاتفاقيات قد يمتد ليشمل قطاعات أخرى، مثل الألبان والحبوب، مما سيسهم في ضمان استقرار الإمدادات في السوق المحلي.