كشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن المقاولة المكلفة بإنجاز مشروع ترميم وإصلاح المسجد الأعظم بمدينة سلا، أخلت بالتزاماتها التعاقدية، مؤكدة أن ذلك استدعى فسخ الصفقة معها.
ووعد المسؤول الحكومي في جواب على سؤال كتابي، وجهه النائب إدريس السنتيسي، عضو الفريق الحركي، واطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن الوزارة من المرتقب أن تعلن في الفترة المقبلة عن طلبات عروض جديدة طبقا للمساطر الجاري بها العمل لإتمام الأشغال.
وكانت المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بمدينة سلا، قد قررت في شتنبر 2022، إغلاق المسجد الأعظم “بشكل مؤقت” لأجل الإصلاحات بسبب ما لحق بنايته من أضرار.
وبحسب الإعلان الذي تم تعليقه على أبواب المسجد، فإن “المسجد الأعظم ذي الرمز المعلومياتي عدد 441050234، الكائن بالمدينة العتيقة مقاطعة المريسة سلا، تم إغلاقه مؤقتا نظرا لما تشكله بنايته المتضرر من خطر على المصلين ورواد المسجد إلى حين إصلاح شامل له من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية”.
وبني الجامع الأعظم سنة 420 للهجرة، حسب ما تشير إلى ذلك بلاطة داخله، ويرجح المؤرخون أن التأسيس الأول كان في عهد بني يفرن الذين حكموا المنطقة بعد سقوط دولة الأدارسة، غير أن التصميم الحالي يبين أنه شهد إضافات وتغييرات خلال مئات السنين، وذلك بحسب ما جاء في تقرير لمنصة الجزيرة.
وأعاد ثالث الخلفاء الموحدين يعقوب المنصور بناءه سنة 593 للهجرة بعد عودته من الأندلس منتصرا في معركة الأرك، وبني المسجد على مساحة تتجاوز 5 آلاف متر مربع، ونقل ترابه وحجارته 700 ألف أسير من الأسرى الأوروبيين، وبعد اكتمال بنائه استدعى السلطان الموحدي عالما محدثا هو أبو محمد عبد الله بن سليمان الأنصاري من الأندلس ليتولى الخطبة فيه ويلقي الدروس.
وكان الجامع الأعظم، طيلة ما يزيد على الألف سنة من عمره، وبحسب المصدر نفسه، بؤرة الأحداث المهمة التي تشهدها مدينة سلا، وعنوان تطورها التاريخي والاجتماعي.
وتعرض للخراب بسبب ما تقول بعض المراجع إنه صاعقة دمرت منارته وأجزاء من سقفه، في حين تقول مراجع أخرى إنه تعرض لقصف مدفعي في القرن 19 من الفرنسيين فأعيد بناء منارته وتجديده مرة أخرى في عهد السلطان العلوي عبد الرحمن بن هشام.
وفي ثلاثينيات القرن 20، أغلق المسجد بأمر من الإدارة الفرنسية، لمنع تجمع رجال المقاومة المغربية فيه، وظل مغلقا مدة، إلى أن أعيد فتحه، وعاد إلى دوره في تعليم الناس، ولا زال المسجد إلى اليوم يحتضن دروسا دينية في صحيح البخاري والحديث وغيره.
وجاء تصميم المسجد على شكل مربع منحرف، ويضم قاعتين للصلاة و3 صحون، إلى جانب 5 أبواب موزعة على مختلف واجهاته، وخلال كل عملية إعادة بناء أو ترميم ترك كل أمير أو سلطان بصمته وآثار عظمة دولته وعنفوانها، ويظهر هذا الأثر في مئذنة المسجد وبلاطه وزخارفه وأعمدته العالية وأقواسه؛ مما جعله يضاهي أكبر الجوامع الإسلامية.