أعلنت التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة، في موقف حازم، أن التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة لم تنجح في معالجة جذور التمييز أو إنهاء انتهاك حقوق الطفلات والأطفال، مما يضعها في مواجهة مع الالتزامات الدولية للمغرب والدستور الوطني.
ورأت التنسيقية أن هذه التعديلات ما زالت تعكس منطق القوامة، الذي يمنح الرجل السلطة المطلقة داخل الأسرة، مستندة إلى دوره كمُعيل ومتفق وحيد، متجاهلة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
كما شددت التنسيقية، التي تمثل أكثر من 33 جمعية نسائية وحقوقية من مختلف المستويات الوطنية والجهوية والمحلية، على أن مدونة الأسرة لا تزال تكرس منطق التراتبية داخل الأسرة، مما يمنح الرجل امتيازات واسعة تحرم النساء من حقوقهن الأساسية وتتناقض بشكل صارخ مع مبادئ المساواة.
هذا التوجه، وفقًا للتنسيقية، يتعارض مع الأهداف المعلنة لهذا الإصلاح التشريعي، مما يثير تساؤلات حادة حول جدية الالتزام بإحداث تغيير حقيقي.
وأكدت ذات التنسيقية، في بلاغ لها، على “عدم إخضاع منظومة المواريث للإصلاح، ورفض إلغاء التعصيب الذي ألحت عليه المذكرات الاقتراحية خلال فترة المشاورات، مما يسمح باستمرار خرق حقوق البنات في الإرث داخل العديد من الأسر”.
كما أشار البلاغ، إلى “الإبقاء على التعدد، بل دعوة المقبلات على الزواج إلى اشتراط عدم الزواج عليهن في عقد الزواج وفي الحالة العكسية، يمكن السماح به بشكل موضوعي واستثنائي، في حالة العقم وأمراض تمنع من المعاشرة الزوجية، مما يدل على النظرة الضيقة للعلاقة الزوجية، وحصر دور الزوجة في الإنجاب”.
وأضافت التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة، أن “رفض الإلغاء المباشر للتعصيب مع اقتراح الهبة بدون حيازة كحل بديل رغم عدم ورود نص قطعي فيه، يكرس التمييز والإقصاء ضد البنات في الأسرة بسبب جنسين”.
كما أبرز المصدر ذاته، أن “رفض اعتماد الخبرة الجينية في لحوق النسب مع إقرار مسؤولية الوالدين في ضمان الاستجابة لاحتياجات الأبناء، يشكل مع ذلك ضربا للمصلحة الفضلى للأطفال المزدادين خارج إطار الزواج وفي تعارض نام مع مقتضيات الفصل 32 من الدستور الذي يلزم الدولة بحماية حقوق الأطفال في كل الوضعيات”.
وأوضحت التنسيقية، أن “الإبقاء على استثناء تزويج الطفلات، فيه خرق سافر لالتزامات المغرب الدولية والاتفاقيات المصادقة عليها”. مشيرة إلى أنه “ورغم أن معدل سن الزواج عند النساء حسب الإحصاءات الرسمية هو 25 سنة، و32 سنة عند الرجال، فكيف تجمع بين الوضعين تأخر سن الزواج، وتشجيع تزويج الطفلات”.
فيما يتعلق بمساهمة النساء في بناء ثروة الأسرة من خلال العمل المنزلي، سلطت التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة الضوء على واقع لا يمكن تجاهله، حيث أكدت أن آلاف النساء يقدمن جهودًا مضاعفة، يجمعن بين العمل بأجر كموظفات وعاملات، وبين أداء مهام منزلية شاقة دون أي مقابل.
هذا الدور الحيوي، الذي لا يُعترف به في التشريعات الحالية، يعكس تناقضًا صارخًا مع مبادئ العدالة والإنصاف، ويضع تساؤلات ملحة حول غياب الاعتراف بقيمة هذا العمل غير المرئي في تعزيز استقرار الأسرة وتنميتها.
واعتبرت التنسيقية النسائية، أن “السباق الحالي يتطلب الاعتراف للنساء المغربيات بكامل حقوقهن في حياة كريمة آمنة، وإعادة النظر في كل ما يقوض هذا المطلب، ويحد من تمتعهن على قدر المساواة بالحقوق الدستورية والإنسانية”.
كما دعا البلاغ “انخراط الجميع في إحداث تغيير تشريعي حقيقي، يكون في مستوى تحديات العصر والالتزام بحماية حقوق جميع أفراد الأسرة دون تمييز، ويعزز الدور الريادي للمغرب في مختلف المجالات، دون إغلاق باب الاجتهاد والعلم عندما يتعلق الأمر بحقوق النساء والأطفال”.