شهدت مدينة الدار البيضاء حادثة مأساوية أثارت صدمة واسعة في الأوساط المغربية، حيث توفيت ثلاث نساء أثناء خضوعهن لعمليات ولادة داخل مصحة خاصة، وسط ظروف غامضة لم تجد حتى الآن تفسيرًا واضحًا.
الحادثة التي وقعت هذا الأسبوع حركت موجة من الغضب والاحتجاجات، وأطلقت دعوات لإجراء تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات وضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث.
أحد أزواج الضحايا، وهو شاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره، تحدث بمرارة عن فقدان زوجته التي دخلت المصحة وهي تتمتع بصحة جيدة لتضع مولودها الأول، لكنها خرجت جثة هامدة.
صدمته تضاعفت بعد أن أبلغه الطاقم الطبي بأن الوفاة حدثت “لأسباب طبية طارئة”، دون أي تفاصيل إضافية. لم تقتصر صدمة العائلة على فقدان الزوجة، بل تجاوزت ذلك إلى شعورهم بالإهمال واللامبالاة، حيث تسلموا المولود دون أي دعم أو تفسير يُخفف من وقع المصاب.
وخلفت الحادثة موجة من الغضب الشعبي، خصوصًا بعد ظهور مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيها أهالي الضحايا وهم يحتجون أمام المصحة مطالبين بإجابات.
هذه التصرفات زادت من الشكوك حول مدى التزام المصحة بالمعايير الطبية والأخلاقية.
في تطور لاحق، أصدرت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد بيانًا تدين فيه الحادثة وتصفها بـ”غير المقبولة”، مطالبة بفتح تحقيق عاجل وشامل للكشف عن الأسباب الحقيقية وراء الوفيات.
ودعت المنظمة أيضًا إلى محاسبة المسؤولين إذا ثبت وجود أي تقصير، مشددة على ضرورة تعزيز الرقابة على المصحات الخاصة لضمان احترام المعايير الطبية وسلامة المرضى.
ودخل البرلمان على الخط كذلك، حيث وجهت النائبة البرلمانية نجوى ككوس سؤالًا كتابيًا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين تهراوي، مستفسرة عن ملابسات الحادث ومطالبة باتخاذ إجراءات صارمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث.
وأثارت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، تساؤلات حول جودة الخدمات المقدمة في المصحات الخاصة ومدى التزامها بالمعايير الصحية المعتمدة.
في الوقت نفسه، لم تُصدر المصحة المعنية أي بيان رسمي لتوضيح ملابسات الحادثة، ما زاد من الغموض والاحتقان.
وفتحت الحادثة، أيضًا نقاشًا واسعًا حول وضعية القطاع الصحي الخاص في المغرب، حيث طالب العديد من المواطنين والناشطين بضرورة تشديد الرقابة وتطبيق عقوبات صارمة على المصحات التي تثبت مسؤوليتها عن الإهمال أو التقصير.
كما تم التأكيد على أهمية تحسين الخدمات الصحية في القطاع العام لتخفيف الاعتماد الكبير على المصحات الخاصة، التي غالبًا ما تكون باهظة التكلفة دون ضمانات كافية للجودة.
هذه المأساة ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي جرس إنذار للمسؤولين لتدارك الخلل في منظومة الرعاية الصحية.
ومع انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه الحادثة نقطة تحول نحو إصلاح جذري للقطاع الصحي الخاص، أم ستظل مجرد مأساة أخرى تُضاف إلى سلسلة الحوادث التي تُنسى مع مرور الوقت؟
