أكدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن النساء المغربيات لا يزلن يواجهن جملة من التحديات ويتعرضن للعنف، ويعانين على المستوى الصحي والتعليمي والاقتصادي، ما يتطلب إجراءات فورية وحاسمة لتجاوز هذه الإشكالات.
وقالت العصبة في بيان بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة إن هذه المناسبة تحل تزامنا مع حدثين مؤلمين، يتعلق الأول بإيداع طفلة في مركز حماية الطفولة بالدار البيضاء على خلفية اتهامها رفقة أسرتها بتهم متعددة، وطالبت بالإفراج عنها ومتابعتها في حالة سراح، أخذا بعين الاعتبار وضعها الصحي وسنها، خاصة وأنها تتوفر على كل ضمانات الحضور.
والحدث الثاني، يتعلق بالفتاة التي جرفتها المياه وألقت بها في بالوعة بمدينة بركان، مما تسبب في وفاتها، ما يعكس بشكل صارخ الإهمال والتقصير في توفير تدابير الحماية اللازمة، وهو ما يثير مسؤولية الفاعلين المحليين أمام القانون والمجتمع، و يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تفعيل آليات المحاسبة وعدم إفلات المسؤولين من العقاب.
وسجلت العصبة في بلاغها استمرار ظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي، كواحدة من أكبر الإشكالات التي تواجه النساء في المغرب، رغم الجهود المبذولة، حيث ترتفع معدلات العنف بمختلف أشكاله، ( 4961 حالة عنف نفسي، و2415 حالة عنف اقتصادي، و1107 حالات عنف جسدي ضد النساء خلال السنة الماضية)، مع الإشارة إلى أن 57% من هذه الحالات صادرة عن الأزواج، و20% من النساء يواجهن تهديدًا بالطرد من منازلهن.
ونبهت العصبة إلى أن هذه الأرقام تعكس بوضوح حجم الخطر الذي لا تزال تتعرض له النساء، مما يستدعي تفعيل آليات أكثر صرامة لحمايتهن وضمان ولوجهن السريع إلى العدالة والإنصاف.
وأضافت العصبة أن التفاوت في الفرص الاقتصادية، يظل إحدى العقبات الرئيسية أمام تحقيق المساواة الفعلية، إذ تسجل نسبة تشغيل النساء أرقامًا مقلقة، ما يعكس فجوة واضحة في الولوج إلى سوق الشغل، إلى جانب ستمرار الفجوة في الأجور بين الجنسين.
ولفت حقوقيو العصبة إلى أن نسبة تمثيلية النساء في المؤسسات المنتخبة والمناصب القيادية دون المستوى المطلوب. وفي مجال التعليم، لا تزال الفتيات في المناطق القروية يواجهن صعوبات جمة في الولوج إلى التعليم الجيد، و لا تزال نسبة الهدر المدرسي مرتفعة بينهن، ويكرس دورة الفقر والهشاشة عبر الأجيال.
أما فيما يتعلق بالصحة الحقوق الإنجابية، فلا تزال العديد من النساء، خاصة في المناطق النائية، يواجهن صعوبات في الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، سواء بسبب نقص الموارد البشرية أو بعد المرافق الصحية أو ضعف الوعي بضرورة الرعاية الطبية المستدامة، ويعد ضمان الحق في الصحة أحد المقومات الأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وطالبت العصبة باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لتجاوز هذه الإشكالات، وذلك من خلال مراجعة وتعديل مدونة الأسرة بما يتماشى مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان، وتفعيل سياسات صارمة لمكافحة جميع أشكال العنف ضد النساء، وتعزيز آليات الحماية والدعم القانوني والنفسي للضحايا، و اعتماد سياسات اقتصادية تضمن تكافؤ الفرص بين الجنسين، وتقليص الفجوة في الأجور، وتشجيع المقاولات النسائية، وتوفير بيئة عمل آمنة وداعمة للنساء.
وشددت على ضرورة تعزيز تمثيلية النساء في المؤسسات المنتخبة والإدارات العمومية، وتنفيذ برامج مستدامة لدعم تمدرس الفتيات، خاصة في المناطق القروية، وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومُحفزة لهن، إلى جانب توسيع التغطية الصحية، وتحسين خدمات الصحة الإنجابية، وضمان وصول جميع النساء، بغض النظر عن وضعهن الاجتماعي أو الجغرافي، إلى رعاية صحية شاملة ومتكافئة.