سمير الحيفوفي
إذا كان المتكلم أحمقا فعلى من يستمع إليه أن يكون عاقلا، وبالتالي لا يصدق كلمة واحدة مما يقول، هكذا قال حكماؤنا العرب قديما، وكما أنهم كفوا ووفوا بمثل هذه النصيحة، فسنزيد عليها ببعض التفاصيل لتأكيد صوابها، والأمر يتعلق بأحمق زماننا هذا، والذي هو “علي لمرابط”، الذي تجاوز الحمق بأشواط.
وفي أمسية رمضانية، راح “علي لمرابط”، يتحفنا بقصص نسجها من عقله المريض، بناء على ما بلغه من أعداء يتمترسون في الظل ويتركونه مثل أي دمية في مسرح للعرائس، ليؤدي دوره البئيس، المنحاز إلى إثارة البلبلة عبر أكاذيب وسط الناس المضلَّلَة التي تتابعه.
ولأن رباط الضلالة هو ما يجمع بين “علي لمرابط”، ومتابعيه، من المتأوهين في التعليقات التي تطبل له، دون أن ينتصر هؤلاء لأي منطق، اللهم منطق “عدو عدوي صديقي”، فلا بأس من نسف أكاذيب “مسيلمة” عصرنا، ورمي الرماد في عيون مريديه، ليزدادوا عمى على عماهم.
فماذا قال “مسيلمة” كذاب عصرنا؟ لقد قال إن المدعو “المهدي حيجاوي”، التحق بـ”المديرية العامة للدراسات والمستندات” التي تعرف بالمخابرات” العسكرية ويشار إليها بـ”DGED”، في 1990، وهي كذبة مفضوحة بالعيان والبنان، لو أعمل “علي لمرابط” ومن يدور في فلكه، القليل من عقولهم المعطَلة، لو علمنا أن تاريخ ازدياد “صاحبنا” هو 1973.
فكيف السبيل لالتحاق “فتى” لم يكمل بعد ربيعه السابع عشر، بجهاز المخابرات العسكرية؟ وإنه لسؤال يضرب في الصميم أول كذبة نطقها وما يليها، بتبنى قاعدة ما بني على باطل فهو باطل، لكن “مسيلمة الكذاب” كان يتحدث بعينين بارزتين وكأن به يقول الحق، بينما كان يلفظ باطلا لا غير.
وتكتنف الغشاوة عقول وأفئدة وأبصار “علي لمرابط”، والمستمتعين بقفشاته الرمضانية حول “المهدي الحيجاوي”، لحد جعلت “مسيلمة الكذاب” يصور “الفتى” بطلا في عالم الجاسوسية، وقد استطاع، وفق ترهات المريض بـ”المهدي الحيجاوي”، تجنيد سفراء وقناصلة واستخلاص معلومات قيمة من لدن عملاء استخباراتيون.
ولعل “علي لمرابط” تفوق كثيرا في خياله، على “نبيل فاروق” الروائي المصري صاحب روايات الجيب “رجل المستحيل”، فحتى “أدهم صبري” رجل المخابرات والبطل في الرواية كان يبلغ من العمر 35 عاما، لكن “المهدي الحيجاوي” فاق الخيال واقتحم هذا العالم الخفي دون سن السابعة عشر، وفعل الأعاجيب، مثلما ضرط علينا “مسيلمة الكذاب”.
أيضا، ولأن الكذب شعيرة يؤتيها “مسيلمة” زماننا، فإنه وليفضح نفسه استأنس إلى صورة مفبركة ببرمجية “فوتوشوب”، تفيد بأن “المهدي الحيجاوي” مترديا بزة عسكرية، وبلحية منسدلة على وجنتيه، بل إن كذابنا زاد من رأسه مثل أي أحمق، وزين صدره بقلادة نحاسية فيها اسمه، بكتابة لا تمت لأي جهاز عسكري بصلة.
وماذا أراد “مسيلمة الكذاب” من الصورة المفبركة؟ لقد كابد لإنتاج مسخ بتوضيب رديء جدا، لعله يثبت أنه وفي ظرف وجيز لا يتعدى سبع سنوات من الخدمة في جهاز المخابرات العسكري، استطاع “الفتى” المدعو “المهدي الحيجاوي”، الارتقاء في الرتب بشكل صاروخي وغير معقول ولا مقبول البتة، من “مساعد” (Adjudant)، إلى “عقيد قائد” (Colonel Major) وهو أمر من ضرب الخيال أن يتم في أي جيش أو جهاز عسكري في العالم أجمع.
لكن، أن يحاول “مسيلمة الكذاب” أو يوهمنا بأن موظفا مدنيا الذي هو ياسين المنصوري، المدير العام لـ”المديرية العامة للدراسات والمستندات” هو من رقى عسكريا مثل المدعو “المهدي الحيجاوي” من رتبة هي الأعلى بين الجنود “أجودان” إلى “كولونيل ماجور” التي هي دون اللواء (الجنرال) بين الضباط السامون، فإن في ذلك مدعاة للحجر عليه، عبر الإعراض عنه بمنطق “إذا نطق السفيه”.
فهل يدري “مسليمة الكذاب” أن المغاربة جميعا يعلمون جيدا بأن الملك محمد السادس هو القائد الأعلى لأركان القوات المسلحة الملكية، وبأن لا أحد يرقي الضباط من غيره، وبأن حياة الجندية والأنظمة العسكرية لا تبيح القفز على رتب عسكرية وحرق مراحل مهمة في المسار المهني، مثلما يدعي علينا كاذب عصرنا؟
لأجل ذلك ولكل ما سبق، فلنعرض عن “علي لمرابط”، الأحمق، ولنكن عقلاء فكلام العقلاء منزه عن العبث.