هشام رماح
من جديد وضع تحقيق نشرته صحيفة “L’Opinion” الفرنسية المسجد الكبير لباريس، في عين العاصفة، وقد كشفت أن علامة “حلال” (Halal) التي توضع على المنتوجات التي يرغب الاتحاد الأوربي في تصديرها نحو الجزائر، أصبحت حكرا على المؤسسة التي يسيطر عليها النظام العسكري الجزائري، والغاية بلوغ مآرب سياسية وتحقيق أرباح مالية.
ووفق الصحيفة الفرنسية فإن المؤسسة التي تشرف على المسجد الكبير في باريس، والتي يترأسها “شمس الدين حفيظ” حققت رقم معاملات بلغ خمسة ملايين أورو خلال العام 2024، نظير التأشير على منتوجات موجهة للتصدير بعلامة “حلال”، لتصبح هذه العملية مدرة للأرباح التي يستفيد منها القائم بأعمال المسجد، في مقابل ضمانه تغول الـ”كابرانات” على معلمة يفترض أنها تنصرف لشؤون دينية صرفة.
وفي الخفاء، أبرم النظام العسكري الجزائري صفقة رابحة للطرفين مع “شمس الدين حفيظ”، القائم الحالي على مؤسسة المسجد الكبير لباريس، والمحامي السابق للجبهة الانفصالية “بوليساريو”، من أجل احتكار منح علامة “حلال”، بمباركة من العسكر في الجزائر، والتصرف في العائدات التي تترسب من وراء ذلك.
الصحيفة الفرنسية أوردت تصريحات لرجل أعمال فرنسي، فصَّل في بعض ما يجري تحت ستار الدين في المسجد الكبير لباريس، وقد قال “إن شهادة حلال تمنح لطالبها بمقابل دون التحقق من المنتوج المرغوب في التأشير عليه ولا إنتاجه”، قبل أن يستنكر متسائلا “أين هي المصداقية في كل هذا”.
وحسب الصحيفة فإن القائم بأعمال المسجد الذي تعاقب على إدارته جزائريون منذ تأسيسه في 1929، في العاصمة الفرنسية، يمنح شهادة “حلال” مقابل أموال، في استغفال منه للمسلمين الراغبين في اقتناء منتوجات لا تناقض الشعائر الإسلامية المعمول بها في الدين الإسلامي الحنيف.
أيضا، كشف “عمار ديب”، المستشار السابق للعميد السابق، ما هو معتم في الاتجار بالدين والتربح من ورائه من طرف “شمس الدين حفيظ”، المقرب من الرئيس الصوري “عبد المجيد تبون”، والزمرة المحيطة به، وقد أكد على أن العائدات من وراء منح شهادة “حلال”، لا يستفيد منها الأئمة كما لا تسخر للدعوة، بل يستحوذ عليها القائمون على المؤسسة، ويمولون بها حياتهم المترفة”.
وأورد تحقيق الصحيفة الفرنسية أن تسليم شهادة الحلال لا تسلمه جمعية المسجد، وإنما شركة تجارية مقرها داخل المسجد نفسه، على أن قوام مستخدميها لا يتعدى ثلاثة أفراد، وهي تضطلع بالتأشير بعلامة “حلال”، على المنتوجات المرغوب في تصديرها إلى الجزائر من “ياغورت” وألبان ولحوم ومستحضرات وحلويات وبسكويت وغير ذلك.
وحسب نفس المصدر فإن الأمر يتعلق بشركة شبح، تستحوذ على المال من وراء شهادة “حلال” دون أن تخضع لأي مراقبة مالية أو افتحاص، لتتحول هذه العلامة إلى كنز يخول للقائمين على المسجد من أجل خدمة أجندة النظام العسكري الجزائري.
من جهته، “صادق سالم”، الباحث الجامعي الفرنسي، الجزائري الأصل، قال إن الأجنحة الجزائرية لا تدعم المسجد الكبير لباريس، حبا في الدين، بل طمعا في كنزه المالي”، وقد حقق مثلا خمسة ملايين أورو في 2024، مقابل الحصول على رسوم فلكية نظير التأشير بـ”حلال” دون التحقق من درجة الاستحقاق.
وأحالت “L’Opinion” على أن الشركة المضمرة في المسجد الكبير لباريس، وبالنظر لوضعها القانوني فإنها غير ملزمة بالخضوع لأي مكاشفة، أو افتحاص، لكن المفوضية الأوروبية دخلت على الخط التدخل، بناء على طلب وزارة المالية الفرنسية، لاستجلاء كل ما خفي في مؤسسة اختلط فيه الدين بالسياسة.