في ظل تقلبات الأسواق العالمية للطاقة وتزايد الطلب الوطني على الغاز الطبيعي، وفي ظل مساعي الحكومة من أجل الرفع من سعر الغاز، أعدت الحكومة مشروع قانون جديد يهدف إلى تنظيم عمليات استيراد وتخزين ونقل وتوزيع الغاز الطبيعي.
ومن المرجح أن تتم إحالة المشروع قريبًا على المسطرة التشريعية ليكون خطوة جديدة نحو تحسين الأمن الطاقي في البلاد وتطوير بنيته التنظيمية.
أهداف مشروع القانون
ويركز مشروع القانون على وضع إطار قانوني وتنظيمي شامل لتنظيم قطاع الغاز الطبيعي.
ويروم النص تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وتعزيز استقرار سوق الغاز الطبيعي ووضع أسس قانونية لضمان استدامة القطاع وفعاليته.
كما يروم مشروع قانون عدد 94-17 متعلق بقطاع الغاز الطبيعي تشجيع الاستثمار الوطني والدولي في البنية التحتية للغاز.
تنظيم القطاع
وينص المشروع على مجموعة من الضوابط، والتي تشمل تنظيم الأنشطة الرئيسية، عبر استيراد الغاز الطبيعي، وتخزينه ونقله وتوزيعه، وتحديد الأنشطة الملحقة وإطار عملها.
التزامات
ويفرض المشروع التزامات قانونية على مشغلي شبكات النقل بطرح طلب عمومي لادخار 25% من رأس مالهم الأجنبي، وتحديد موارد الموزعين بناءً على تعريفات استخدام المنشآت الغازية وعائدات الخدمات المقدمة.
أسعار الغاز
وتعتمد آليات التسعير على تكاليف النقل والتخزين والتوزيع، وتحديد أسعار البيع بالجملة والتقسيط وفق هوامش محددة مسبقًا.
ويتم احتسابها بناءً على المسافة بين مراكز الاستيراد والمستهلك النهائي، وتشمل التكاليف المرتبطة بالبنية التحتية للنقل مثل خطوط الأنابيب أو صهاريج الغاز.
وتشمل التكاليف التشغيلية مثل الطاقة اللازمة لتبريد الغاز أو ضغطه.
أما تكاليف التوزيع، فتعتمد على البنية التحتية لشبكات التوزيع المحلية. وتشمل التكاليف التشغيلية لنقل الغاز إلى المستخدمين النهائيين، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات.
وسيتم تحديد أسعار البيع بالجملة والتقسيط بناءً على التكلفة الإجمالية للغاز الطبيعي عند نقطة الاستيراد، مضافًا إليها تكاليف النقل والتخزين.
وتصص هذه الأسعار للفاعلين الكبار مثل الموزعين ومسيري الشبكات.
أما أسعار البيع بالتقسيط فتحدد لتشمل التكلفة النهائية للغاز مع إضافة هوامش الربح المعتمدة لكل مرحلة من مراحل سلسلة التوريد.
تُراعى فيها القدرة الشرائية للمستهلكين المحليين والسياسات الحكومية لضمان عدم ارتفاع الأسعار بشكل مفرط.
ويحدد مشروع القانون سقفًا للهوامش الربحية للفاعلين في القطاع، بهدف حماية المستهلكين من الاستغلال أو المغالاة في الأسعار، وضمان استمرار المنافسة العادلة بين الفاعلين، بما يمنع الاحتكار.
آليات وعقوبات
لضمان الامتثال للأحكام، منح المشروع ضباط الشرطة القضائية وأعوان الإدارة المكلفة بالطاقة سلطات واسعة لمتابعة المخالفات، بما في ذلك معاينة وضبط المواد المتداولة بطرق غير قانونية، وطلب تدخل القوة العمومية بعد ترخيص وكيل الملك.
أما على صعيد العقوبات، فقد فرض المشروع غرامات مالية صارمة على المخالفين، تشمل غرامة تتراوح بين مليون ومليون و500 ألف درهم على من يمارس الأنشطة دون ترخيص، و200 ألف درهم لمن يرفض خضوع منشآته للمراقبة، ومليونا درهم لرفض ولوج ممثلي الإدارة إلى منشآت التخزين أو التوزيع.
كما ينص على مضاعفة العقوبات وتعليق التراخيص في حالة العود، وتحسين الأمن الطاقي ومكافحة المخالفات
يضع المشروع نظامًا صارمًا لمواجهة أي انقطاعات غير مبررة في سلسلة التزويد، حيث يعاقب مورد الغاز بغرامة تصل إلى مليون درهم، تُضاعف في حالة العود مع تعليق الترخيص. ويستثنى من هذه العقوبات حالات القوة القاهرة أو الانقطاعات المرتبطة بالصيانة.
لماذا المشروع
تحاول الحكومة أن تخطو خطوة حاسمة في تطوير قطاع الطاقة بالمغرب، بتعزيز الشفافية والحكامة في سوق الغاز الطبيعي، إلى جانب خلق بيئة مشجعة للاستثمار في البنية التحتية للغاز، بما يساهم في تأمين احتياجات البلاد الطاقية ومواجهة تحديات الأسواق العالمية.
يذكر أنه إذا تمت المصادقة على هذا المشروع، فإنه سيُشكّل نقلة نوعية في قطاع الطاقة بالمغرب، من خلال تحسين تنظيمه وتقوية الإطار القانوني والرقابي الذي يحكم أنشطته.
ويُعد النص ركيزة أساسية نحو تحقيق الاستقلالية الطاقية وتحسين استجابة المغرب لمتطلبات السوق العالمية.