في ظل القطيعة السياسية الأحادية للجزائر تجاه المغرب، يأخذ الصراع بين البلدين أشكالًا وصورًا أخرى، أبرزها الصراع الثقافي والتراثي، على رأسها أصل الزليج أو الفسيفساء المغربي، الذي تحاول الجارة الشرقية السطو عليه.
ومع إعلان استضافة المغرب لكأس الأمم الإفريقية 2025، والتي ستستضيفها المملكة نهاية دجنبر القادم، تجدد هذا الصراع خصوصًا بعد اعتماد المغرب على الزليج المغربي في تصميم شعار المسابقة، والذي أرادت المملكة من خلاله إيصال رسالة واضحة مفادها تمسك المغرب بتراثه المادي وغير المادي.
وقد خلق تصميم الشعار جدلًا واسعًا سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو على وسائل الإعلام الجزائرية، هذه الأخيرة التي شنت حملة إعلامية واسعة اتهمت فيها المغرب بالسطو على تراثها المتمثل في الزليج، والذي تدعي أنها أصل هذه الصناعة.
وتعتبر مدينة فاس مهد صناعة الزليج، إذ يؤكد يؤكد عبد الرحمان مجاهد، صانع تقليدي بمدينة فاس، في تصريح للجريدة، أن حرفة الزليج المغربي ضاربة في القدم بالمدينة، وقال “حرفة الزليج لازمتني منذ صغري، حيث تعلمناها على يد الحرفيين القدامى، فمنهم من وافته المنية ومنهم من ما يزال على قيد الحياة، وهي صناعة ضاربة في عمق التاريخ، توارثه أجدادنا منذ قرون، وكان مصدر رزق لهم، وتشهد هذه الصناعة تطورًا مستمرًا وابتكارات متنوعة”.
وأكمل المتحدث ذاته: “في الواقع، تواجهنا العديد من التحديات في هذه الصناعة، خاصة من الناحية الصحية، لكن حبنا وشغفنا بهذا الفن يدفعنا إلى الاستمرار في العطاء. لذلك، أدعو الشباب إلى الاهتمام بهذا التراث وحمل مشعل صناعة الزليج المغربي، مع التركيز على إتقان الحرفة قبل البحث عن المكاسب المادية”.
وبخصوص الادعاءات الجزائرية حول أصل الزليج، أكد عبد الرحمان أنه: “بالنسبة للادعاءات التي تنسب فن الزليج لدولة معينة، فالجميع يعرف أن المغرب، وخصوصًا مدينة فاس، هي الحاضنة الحقيقية لهذا التراث. ومن يدعي غير ذلك، أدعوه لاختبار حول المالك الحقيقي له، فالزليج المغربي حاضر في مختلف معالم المملكة، من مساجد ومدارس ومؤسسات عمومية”.
وتجاهل الإعلام الجزائري اعتماد الهوية البصرية والتسمية الرسمية لكأس إفريقيا التي يستضيفها المغرب في برامجه ومواده الإعلامية، كما نشرت الصفحة الرسمية للمنتخب الجزائري لكرة القدم منشورات حول البطولة، دون اعتماد الشعار الرسمي لها.
فيما نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عدة تدوينات اتهمت المغرب بالسطو على الزليج الجزائري، واختلاس شعار البطولة من قميص المنتخب الجزائري الذي اعتمد فيه على نمط الزليج.
وجدير بالذكر أن هذه المرة ليست الأولى التي يعتمد فيها المغرب على تصميم مقتبس من الزليج المغربي، حيث سبق الاعتماد على تصميم مشابه في كأس العالم للأندية التي استضافتها المملكة سنة 2013، ما يطرح تساؤلات عدة حول الهدف من هذه الحملات الإعلامية الموجهة ضد المغرب، في وقت يواصل فيه المغرب توثيق تراثه المادي وغير المادي وسط ترحيب دولي.