أكد الناشط الحقوقي والباحث في سوسيولوجيا الهوية، سعيد ألعنزي تاشفين، أن جهة درعة تافيلالت تعاني من غياب مستشفى جامعي وكلية للطب، مما يزيد من معاناة سكانها في الحصول على رعاية صحية ملائمة.
وأوضح تاشفين في حلقة جديدة من برنامج “صرخات من الهامش”، أن المستشفى الكبير بالرشيدية، الذي كان في البداية مخصصا لإقليم واحد، أصبح اليوم يقدم خدماته لخمسة أقاليم دون أي زيادة ملحوظة في عدد الأطباء والممرضين، ما يؤدي إلى تدهور الخدمات الصحية في المنطقة.
وأضاف ألعنزي تاشفين أن الحديث عن بناء مستشفى جديد لا يعدو أن يكون مجرد وعود، إذ لم يشهد القطاع الصحي في الجهة أي تعزيز حقيقي في الموارد البشرية.
وأشار إلى أن عدد الأطباء والممرضين الذين كانوا يشرفون على المستشفى الإقليمي في الرشيدية هم أنفسهم من يديرون الآن المستشفى الجهوي، وهو ما يعكس غياب الإرادة السياسية لتوفير الرعاية الصحية للجميع.
وأوضح الناشط الحقوقي أن طلبة الطب في الرشيدية لا يزالون يدرسون في كلية العلوم للسنة الثانية على التوالي في غياب كلية خاصة بالطب. واعتبر أن هذا الوضع يثير العديد من التساؤلات حول جدية الحكومة في توفير تكوين مناسب للطلاب، مشيرا إلى أن تدريس الطب في كلية ذات استقطاب مفتوح يُعد عبثا في حد ذاته.
وأضاف ألعنزي تاشفين أن الحكومة لم تبدأ حتى الآن إجراءات بناء كلية الطب في الجهة، حيث لا توجد خطة واضحة ولا وعاء عقاري مخصص لذلك، مشيرا إلى أن هذا التأخير يعكس ضعف التخطيط الاستراتيجي في القطاع الصحي.
وأشار إلى أن مستشفيات الجهة تشهد تأخيرا كبيرا في الإنجاز، مستشهدا بحالة مستشفى تنغير الذي بدأ بناؤه في 2016 ولا يزال قيد التنفيذ حتى الآن. وأبرز أن هذا التباطؤ في تنفيذ المشاريع الصحية يعكس تفاوتًا في الاستثمار بين المناطق، حيث تُنجز مستشفيات في مدن أخرى في وقت قياسي بينما تُهمل مناطق أخرى مثل درعة تافيلالت.
وأوضح ألعنزي تاشفين أن قطاع الصحة في الجهة يشهد تزايدا في الاعتماد على الخدمات الصحية الخاصة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة للسكان. وأشار إلى أن القطاع الخاص أصبح الخيار الأول للكثيرين في غياب الحلول الحكومية، ما يزيد من تفاقم الفجوة الصحية بين الفئات الغنية والفئات الفقيرة.
وشدد على أن درعة تافيلالت تعاني من انتشار أمراض كانت تُعتبر من مخلفات العصور الوسطى مثل اللشمانيا والسل والحمى الشوكية، نتيجة نقص في البنية التحتية الصحية الملائمة. وأضاف أن الأمراض المعدية مثل “بوحمرون” انتشرت في بعض مناطق الجهة ولم تحظَ باهتمام إعلامي أو حكومي إلا بعد ظهورها في المدن الكبرى.
وأكد على ضرورة تدخل الحكومة بشكل عاجل لتلبية احتياجات سكان درعة تافيلالت في قطاع الصحة. وخلص إلى أن بناء مستشفى جامعي وكلية طب يعد أمرًا ملحًا لضمان حق المواطنين في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، مطالبًا الحكومة وصناع القرار بتوفير البنية التحتية اللازمة لتلبية احتياجات الساكنة في هذا المجال.