لم يمر على تعيين يونس السّحيمي كاتبا عاما لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أقل من سنتين حتى أعفي من مهامه منذ يومين (13 أبريل 2023 حتى 18 مارس 2025)، وهو القادم من وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حيث كان يشغل مفتشا في المالية (IGF)، وفي زمنه عايش وعاش “الحرك التعليمي” الذي أغلقت معه أكثر من 10 آلاف مؤسسة تعليمية عمومية أبوابها وشلّ الدراسة في أكثر من 240 ألف موظف في أطول إضراب في القطاع في عام 2023، وفي عهده تم التوصل لاتفاق حكومي أعاد الأساتذة للأقسام.
وبرأي مراقبين تحدثوا لموقع “لكم”، فإن الكاتب العام المعفى السّحيمي، المحسوب على حزب الاستقلال، وبالنظر لكونه شغل رئاسة ديوان نزار بركة حينما كان وزيرا للاقتصاد والمالية في حكومة عبد الاله ابن كيران، عايش الوزرين السابق شكيب بنموسى، والحالي محمد سعد برادة على رأس وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
ويٌنسب إليه تنفيذ الهيكلة الجديدة للمديريات المركزية، التي أعيد تثبيت جل المسؤولين السّابقين بها في مواقعهم وتم التمديد لهم بعد تقاعدهم. وهو من باشر تنفيذ اتفاقي دجنبر 2023 ويناير 2024، ومَثَّل الوزيرين السابق بنموسى والحالي برادة في لقاءات وملتقيات ومناسبات وطنية ودولية، وهو نفسه الذي وقع قبل أيام قليلة فقط على إعفاء 16 مديرا إقليميا، فأحكم ضبط كلّ ما يرد على الوزارة من رسائل، بدل ما كان معمولا به في السّابق، ومنح صلاحيات واسعة من تعيين وإعفاء مسؤولين جهويين وإقليميين، من مديرين إقليميين ورؤساء أقسام ومصالح، لم تشفع في عهد الوساطات لنيل مناصب، كان الوصول والحصول عليها في وقت سابق سهل المنال، إلا في حالات معزولة بوساطة نقابية أو مسؤول جهوي.
غير أن الرّياح تجري بما لا تشتهيه السفن، تشرح مصادر موقع “لكم”، فاتفاق دجنبر 2023 ويناير 2024، فجّر صراعا داخل الوزارة، خاصة وأن موقع الكاتب العام زمن اشتغاله من طرف السحيمى تقوّى أكثر بشكل أكبر، فهو يتابع ويرصد كل صغيرة وكبيرة، ولم يترك لمن يسمّونهم “الحيثان والصقور والعجائز” ممّن تبقوا من زمن البرنامج الاستعجالي، أن يتدخلوا في اتخاذ القرار أو التأشير عليها، خاصة في أجرأة الاتفاقات السابقة، حيث انقلب “تيار نقابي” على الكاتب العامّ من أجل “بلوكاج” الحوار القطاعي، بدعوى أن تنفيذ بعض من مقتضيات الاتفاقين السابقين سيؤمن أصواتا لأطراف نقابية على حساب طرف نقابي، سعيا إلى تأويل مادة في النظام الأساسي الجديد لتوسيع قاعدة فئة تعليمية لا يمكن أن تمرّ لأجرأة الباقي إلا بها، فانشطر التوافق النقابي بين موالين للكاتب العام السحيمي، ومعارض له، ليستنجد الطرف الغاضب بالوزير محمد سعد برادة، وبرئيس الحكومة عزبز أخنوش، في محاولة لقلب الطاولة على الكاتب العام ومحاولة إسقاطه”.
واضطر الوزير برادة للخضوع لإغراءات الطرف النقابي بتشكيل لجنة مركزية، مكونة من قدامى مقر الوزارة بباب الرواح عايشوا الوزيرين أحمد اخشيشن ولطيفة العابدة زمن البرنامج الاستعجالي، وظلوا في مواقعهم رغم تعاقب خمسة وزراء على القطاع، منهم من رحل إلى دار البقاء، ولم يتزحزحوا من مناصبهم، وإن تغيّرت مواقعهم، وهو ما حدا بالجامعة الحرة للتعليم (الذراع النقابي لحزب الاستقلال) في بيانها يوم إعفاء الكاتب العام يونس السّحيمي إلى التأكيد على “استنكارها لحالة الرّدّة التي عرفتها أشغال اللجنة التقنية للحوار القطاعي تحت وقع صراع الأجنحة والمواقع داخل الوزارة الوصية “.
وعلّق أحمد كيكش، وهو مدير إقليمي سابق على ما حصل بقوله: “إن الصراع والتوتر السائدان بالوزارة الان كما أشرت سابقا ما هو إلا صراع حول المواقع تقوده “عشيرة عجوزة” تحسن فنّ التّضليل والفخخ هدفها إشعال فتيل الاقتتال الإداري والنّقابي، لأنّ عقيدتها مبنيّة على تحريك الماء العكر لكي تسود، وتستمرّ في حماية ملفّاتها لمنع الكشف عن المستور. كما أن هذا الصّراع بين عشيرتين إداريتين شلّ استقرار المنظومة التّربوية وساهم في رفع مؤشّر فشل إصلاح المنظومة من جديد.. فالرّهان على إعفاء الكاتب العام وحده رهان خاسر لا يخدم مصالح أسرة التّربية والتّكوين وسيعزّز صفوف العشيرة العجوزة التي ساهمت وستساهم في إفشال أيّ إصلاح”.