قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، سعيد صديقي، إن المغرب استفاد بشكل كبير من التغيرات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة لتوسيع دائرة الدعم لمبادرته بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، حيث تمكن من إقناع العديد من الدول بسحب اعترافها بما يسمى “الجمهورية الصحراوية.”
وأوضح صديقي أن نهاية الحرب الباردة أدت إلى اختفاء الاستقطاب السياسي التقليدي والمواقف التلقائية المرتبطة به، مما أسهم في تراجع تأثير الدول التي كانت محسوبة على المعسكر الاشتراكي، والتي غالباً ما كانت تتبنى مواقف معارضة لسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، في الوقت الذي ازدادت فيه أعداد الدول الداعمة للسيادة المغربية على هذه الأقاليم.
وخلال مداخلته في ندوة علمية نظمها حزب العدالة والتنمية بعنوان “الصحراء المغربية.. وتحديات ومهام المرحلة”، أشار صديقي إلى عدة إنجازات دبلوماسية حققها المغرب، من بينها تطوير مواقف عدد من الدول الكبرى لتأييد مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في عام 2007، والتي تضمن له السيادة على أقاليمه الصحراوية.
كما لفت صديقي إلى إنجازات ميدانية مهمة، حيث بسط المغرب سيطرته على المناطق شرق وجنوب الجدار الأمني، مانعًا جبهة البوليساريو من تنظيم أنشطتها السياسية في مواقع مثل تفاريتي وبئر لحلو، إلى جانب فرضه سياسة الأمر الواقع في ممر الكركرات.
وأضاف صديقي أن الدبلوماسية المغربية شهدت زخماً جديداً منذ بداية الأحادية القطبية على المستوى العالمي، حيث استغل المغرب بروز نظام دولي متعدد الأقطاب ليبادر بتقديم مقترح الحكم الذاتي في 2007، مستفيداً من ظهور قوى دولية جديدة إلى جانب الولايات المتحدة.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن التحولات في النظام العالمي سمحت للمغرب بمساحة أوسع للتحرك، ما أتاح له استخدام أوراق ضغط قوية ومرنة، خاصة مع شركائه الغربيين، حيث تعامل معهم بندية وحزم في القضايا الحيوية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية. وساق أمثلة على ذلك، مثل تعامل المغرب مع الولايات المتحدة في عهد أوباما عام 2013، والسويد عام 2015، وإسبانيا وألمانيا عام 2021، وأخيراً مع فرنسا.
وعلى الصعيد الإقليمي، وصف صديقي النظام المغاربي الحالي بأنه “ثنائي القطبية” بسبب التنافس القائم بين المغرب والجزائر، مشيراً إلى أن قضية الصحراء تمثل أحد أوجه هذا التنافس. وأكد أن المغرب تبنى سياسة دبلوماسية متوازنة تجمع بين الانفتاح على الحوار واستخدام أدوات ضغط فعالة مع بعض شركائه الدوليين، مما عزز تأييد موقفه في هذه القضية.