حتى زمن قريب، كانت الأندية الأوروبية تتعامل مع “صيام” اللاعبين المسلمين الذين يلعبون في صفوفها بصرامة وحزم ربّما بلغا حدّ “إجبار” هؤلاء اللاعبين على “الإفطار” كشرط إن هُم أرادوا الحضور في تشكيلاتها.
عبدو المراكشي
حتى زمن قريب، كانت الأندية الأوروبية تتعامل مع “صيام” اللاعبين المسلمين الذين يلعبون في صفوفها بصرامة وحزم ربّما بلغا حدّ “إجبار” هؤلاء اللاعبين على “الإفطار” كشرط إن هُم أرادوا الحضور في تشكيلاتها.
لكنّ كلّ ذلك الآن صار من الماضي، بعدما صرنا نشاهد مباريات منقولة على المباشر يتمّ إيقافها مؤقتا من أجل إتاحة الفرصة لأحد هؤلاء اللاعبين الصّائمين لـ”كشر الصّيام”، قبل أن يُستأنَف اللغب مُجدّدا.
والواقع أن هناك العديد من اللاعبين المسلمين المغاربة الذين يمارسون في صفوف أندية أوروبية عملاقة ويواضلون تألّقهم المعتاد في شهر الصّيام، كما في أيام الله الأخرى، كأنّ شيئا لم يكنْ. بل إن بعضهم يزيد تألّقهم في الشّهر الفضيل، رغم أنهم يلعبون في مواجهة فرق كلّ لاعبيها “شاحطينو“..
نصير مزراوي.. تألّق وإشادة من المدرّب
يعدّ نصير مزراوي (مواليد 14 نونبر 1997) في بلدة “لايدردورب”، الذي يلعب حالياً مع نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي والمنتخب المغربي، واحدا من اللاعبين المغاربة الذين تألّقوا بألوان غرقهم في شهر “الصّيام“.
ويلعب نصير مزراوي، الذي تعلّم أبجديات الكرة في نادي “أياكس أمستردام” الهولندي، والمولود في “ليدن” (غرب هولندا) لأبوين مغربيين من ضواحي تطوان، بصورة أفضل في رمضان، إذ يواصل الظهير المتميّز تألقه بألوان النادي الإنجليزي العريق، الذي انضمّ إليه قبل موسم واحد، بعد تجربة “غير ناجحة” في نادي “بايرن ميونخ” الألماني.
وقد قوبل تألّق مزراوي بإشادة مدرّبه في مانشستر يونايتد، البرتغالي روبن أموريم، الذي قال أموريم، في تصريح لفابريزيو رومانو، خبير “الميركاتو” المعروف: “أقدّر الجهد الذي بذله نصير مزراوي، لقد انتهى تماما. إنه مرهق للغاية.. نصير مزراوي صائم ويلعب جميع الدقائق.. إنه مذهل“.
وجاءت هذه الإشادة من أموريم في حقّ مزراوي بعد فوز مانشستر يونايتد على ليستر سيتي (3 -0) أول أمس الأحد ضمن منافسات الجولة الـ29 من الدوري الإنجليزي الممتاز، وهي المباراة التي خاض مزراوي أطوارها كاملة وساعد خلالها فريقه في الخروج بشباك نظيفة.
ويشار إلى أن مزراوي لعب حتى الآن 44 مباراة مع “الشياطين الحمر” برسم الموسم الحالي في مختلف البطولات، نجح خلالها في تقديم تمريرتين حاسمتين لزملائه في الفريق.
إبراهيم دياز يُبهر المدرديستا “صائما“
من اللاعبين المغاربة الذين قابلهم المغاربة بترحاب خاصّ وهم يُعلنون “الولاء” لـ”العلَم” المغربي، بدل تمثيل منتخب بلد الضيافة، المتألّق إبراهيم دياز (مواليد 3 غشت 1999) الذي التحق في 2019 بنادي ريال مدريد في الدوري الإسباني، دون أن تمنعه “الضّغوط” المتزامنة مع ذلك من اختيار اللعب بقميص المنتخب المغربي
ورغم أن صحيفة “ماركا” الإسبانية كانت قد “صنّفت” في تقرير لها دياز في لائحة “واكْلين” رمضان، فإن تقارير رياضية أخرى أشادت بأدائه المبهر مع “الميرينغي” رغم صيامه خلال نهار رمضان.
فخلال مباراة فريقه ريال مدريد أمام أوساسونا، حرص المعلّقون على المباراة انتباه المشاهدين إلى مشاركة الدولي المغربي إبراهيم دياز في المباراة وهو “صائم”، شأنه في ذلك شأن زميليه روديغير وميندي.
وبحسب ما أوردت قناة ريال مدريد الرسمية فإن كلا من ابراهيم دياز وروديغير وميندي لعبوا المباراة أمام أوساسونا وهم صائمون.
وقد قدّم دياز أداءً مُبهرًا خلال هذه المباراة، توجّه بتسجيل بهدف جميل، مُسهمًا بذلك في فوز فريقه على أوساسونا.
ويشار إلى أن كارلو أنشيلوتي، مدرب ريال مدريد، يُظهر احترامًا تامّا لقرارات لاعبيه الدينية، إذ لا يمانع في مشاركة اللاعبين الصّائمين طالما لم يُؤثر ذلك على صحتهم أو أدائهم خلال المباراة.
وسبق لأنشيلوتي أن أكد على رفضه التدخّل في الشؤون الدينية للاعبيه، مُؤكدًا على احترامه قراراتهم الشخصية.
يامال.. يواصل تألقه مع برشلونة رغم صومه
يعدّ لامين يامال (الأمين جمال نصراوي إيبانا) وهو من مواليد 13 يوليو 2007، من اللاعبين الذين لطالما تمنّى عشّاق المنتخب المغربي لو أنّ هذا “الفتى الذهبي” اختار تمثيل بلد “الأصول”، بدل تمثيل منتخب البلد المضيف، إسبانيا.
رغم ذلك، يحتفظ العديد من عشّاق الكرة المغاربة بتعاطف كبير مع هذه الموهبة الفريدة، التي تجري في دمائها عروق “مغربية” رغم كلّ الذي جرى بشأن اختياره اللعب لـ”لاروخا” بدل “أسود الأطلس“.
مؤخّرا، أثار هذا النجم الشاب، جدلًا واسعًا في برشلونة بسبب تمسّكه بصيام شهر رمضان، إذ يخوض تدريبات فريقه برشلونة وهو صائم منذ بداية الشهر، ما دفع البعض إلى التساؤل حول تأثير ذلك في مستواه الفني والبدني.
لكنّ اللاعب الشاب، الذي يواصل حصد إعجاب عشّاق الجلد المدوّر حول العالم بأدائه المميّز رفقة نادي “برشلونة”، الذي وقّقت كاميرات نقل مباراة فريقه أمام بينفيكا البرتغالي في مسابقة دوري أبطال أوروبا، كيف تمّ إيقاف المباراة لحظةً حتى “يكسر” يامال صيامه.
كما أنّ شهر الصّيام لا يبدو أنه أثر في أداء يامال، ما لم نقل إن العكس هو الذي حدث، إذ نرى كلّ أسبوع، وأحيانا أكثر من مرة في الأسبوع كيف يتألّق هذه “المراهق” ذو الأصول المغربية حتى أمام أعتى الأندية الأوروبية، وآخرها “أتلتيكو مدريد”، الذي نجح يامال في تسجيل هدف الفوز لفريقه في شباك النادي المدريدي، قبل أن “يقتل” زميله فيران توريس المباراة بتسجيله هدفا رابعا في آخر دقائق المباراة، التي شهدت “ريمونتادا” برشلونة بقيادة نجمها “المغربي” الشاب.
ولم يقف أمر صيام يامال عند حدود ملعب فريقه، بل إنه نقل هذه “الأجواء” المصاحبة لطقوس صيام رمضان إلى مستودعات المنتخب الإسباني أيضا خلال فترة التوقف الدولي الحالية، التي استُدعي فيها يامال لخوض الاستعدادات لمواجهة منتخب هولندا في ربع نهائي بطولة دوري الأمم الأوروبية، التي ستقام الخميس 20 مارس 2025.