تعج شوارع مدينة طنجة طيلة أيام شهر رمضان المبارك بأعداد كبيرة من المتسولين الذين يمشطون الأسواق والمدارات الرئيسية في المدينة، بل إن حضورهم يمتد إلى الأحياء الشعبية طلبا للصدقة، مستغلين في ذلك الأجواء الروحانية التي يخلقها شهر القرآن في نفوس المغاربة.
الظاهرة المسيئة لعروس الشمال لاقت انتقادات واسعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين أعلنوا في تدوينات متشابهة رفضهم “إغراق المدينة بالمتسولين من مختلف الأعمار والفئات”، مطالبين السلطات بالتدخل للحد من الظاهرة.
في حي الدريسية، المعروف بسوقه الشهير، تتواجد عدد من المحلات المختصة في بيع الخضر والفواكه والمواد الأساسية، بدأ أصحابها يضيقون ذرعا بإزعاج المتسولين المتكرر لزبائنهم.
يقول مصطفى الفارسي، صاحب محل لبيع الخضر والفواكه، مخاطبا أحد زبائنه توجهت إليه سيدتان لطلب الصدقة فرفض أن يعطيهما أي شيء، إن “هؤلاء النسوة لا تجوز فيهن الصدقة، ومن يمنحهن أي درهم في رأيي آثم”.
بادرت جريدة هسبريس الإلكترونية بسؤال صاحب المحل عن سبب انزعاجه من السيدة التي طلبت مساعدة من أحد الزبائن، فرد منزعجا: “هؤلاء النسوة نحن نعرفهن: محترفات يجمعن مبالغ مهمة من المال كل يوم”.
وأضاف بائع الخضر والفواكه موضحا وهو غاضب: “كل يوم يأتين إلى هنا لإزعاج الزبائن والمارة من الصباح وحتى وقت متأخر من الليل”، وتابع: “هذه أصبحت حرفة بالنسبة للكثير من المتسولين، شبابا ونساء ورجالا، الكل يبحث عن المال بطريقة سهلة”.
وزاد الفارسي، الذي يمارس التجارة منذ سنوات طويلة في هذا السوق، أن “عدد المتسولين، وخاصة النساء، ارتفع بشكل لافت منذ فترة كورونا”، مشددا على أنه يعرف بعضهن ممن “كن يشتغلن في المقاهي وبعد التوقف جربن التسول فوجدنه ربما أسهل وأفضل ولم يقدرن على تغييره”.
يوسف شبعة، فاعل جمعوي بمدينة طنجة، قال إن المدينة تتحول خلال فصل الصيف إلى قبلة للمتسولين، غير أن هذه الظاهرة “لم تعد تقتصر على الفترة الصيفية على ما يبدو، بل صرنا نشاهد قوافل من المتسولين طوال العام”.
وأضاف شبعة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الظاهرة تتجلى بشكل واضح عند علامات المرور وملتقى الطرق، وفي أهم الشوارع الرئيسية بطنجة كمحج محمد السادس”.
وزاد الناشط ذاته في توصيفه للوضع المسيء لطنجة قائلا: “في المدينة القديمة توجد منازل تؤوي متسولين تشرف عليهم ‘باطرونا’ تحت إمرتها أصناف من المتسولين، منهم أطفال صغار، ذكورا وإناثا، وأصحاب العاهات وذوو الاحتياجات الخاصة، منهم ثلاثي الصبغيات”.
وسجل شبعة أن من الظواهر الجديدة التي تؤكد هذا الأمر، “كثرة الأطفال بائعي المناديل الورقية، وهم في الحقيقة متسولون يعملون لصالح ‘باطرونا” وينتشرون في الأماكن السياحية، ورغم المجهودات الأمنية التي تقودها الشرطة السياحية غير أنهم سرعان ما يتم إطلاق سراحهم”.
ولم يستبعد الناشط المدني ذاته وجود “شبكات منظمة” للتسول في طنجة، لافتا إلى أن في الكثير من الأحيان تجد “امرأة تكتري بيتا به عدد كبير من الأطفال يتم انتقاؤهم بعناية فائقة لاستعطاف الناس”، كما دعا إلى تضافر الجهود من أجل الحد من الظاهرة المسيئة للمدينة السياحية وصورتها.