يقف الزميل نور الدين اليزيد، في هذه المقالة بالدرس والتحليل عند معلومتان خرج بهما من سهرة بنكيران والمهداوي، الأمر يتعلق بتقاعد زعيم حزب البيجيدي الاسلاموية السمين، وما إستجد في موقفه تجاه حادثة رحيل باها الأليم.
والبداية من هنا:
بغض النظر عن طبيعة الحوار الطويل (ساعتان و11دقيقة) والذي كان شبيها بمجالس السمر ودردشات المقاهي البعيدة كل البعد عن الحوارات المؤطر والمتحكم فيها من طرف المحاوِر الذي هنا هو الزميل المهداوي والذي إكتفى في الغالب بإتباع ما أراده وقاده إليه المحاوَر (بنكيران).
فإن ما التقطته من حديث رئيس الحكومة الأسبق عبدالإله بنكيران هو معلومتان مهمتان لا أكثر وما تبقى كان مجرد حشو كلام وتكرار لأحاديث سابقة:
المعلومة الأولى تتعلق بالمعاش السمين الذي يتقاضاه بنكيران (70 ألف درهم)، والذي كشف أنه ك”معاش إستثنائي” أمر به الملك لفائدته وليس هو الوحيد الذي يستفيد منه. بل لقد سبقه إلى ذلك الوزيران الأولان الراحلان عبدالله إبراهيم (الاستقلالي/الاتحادي “الاتحاد الوطني”) وعبدالرحمن اليوسفي (الاتحادي).
وهذه المعلومة وإن رفعت بعض الحرج عن بنكيران، فإنها لن تنهي الجدل حول أحقية الزعيم “الإسلامي”، بهذا المعاش وهو الذي كان أكثر صرامة خلال توليه تدبير رئاسة الحكومة في تطبيق مبدإ “الأجر مقابل العمل” في تهديده ومعاقبته للمضربين عن العمل. حتى ولو حاول تبرير ذلك في نفس الحوار بأن المبدأ سبقه إليه غيره؛ وبالنسبة إليه فإنه ك”بنكيران” يعيش في ڤيلا وليس في بارطما من جوج بيوت ويصرف 500 درهم يومياً ويُشغل عدداً من الأشخاص لديه ولا يستطيع أن يجد عملا لأنه يرافقه في حله وترحاله ثلاثة حراس مسلحين.
فهذا يكفي ليستحق المعاش كرئيس حكومة أسبق، بحسبه، وهنا تختفي طبعاً مبادئ العفة والزهد المفترضة في سياسي إسلامي الهوى والعقيدة والمبادئ!!.
المعلومة الثانية، وتهم موت رفيق دربه وذراعه اليمنى الراحل عبدالله باها، الذي توفي في حادث قطار مأساوي ومثير للجدل في سنة 2014، وهي الوفاة التي لطالما شكك بنكيران في حيثياتها.
بل لم يتردد في خطابات مهرجانية جماهيرية أمام أنصاره في إستحضار أقوال من التراث الفقهي الإسلامي (ابن تيمية مثلا)، ليرسل، غداة وفاة باها، إشارات واضحة إلى من يهمهم الأمر بأنهم، كأعضاء حزب إسلامي كان لهم خصوم عديدون خلال ترؤسهم الحكومة، لا يخشون حتى الموت.
لقد صرح بمثل هذا خلال أوج الصراع والتدافع الحزبي والسياسي عشية انتخابات 2016 التي فاز به حزبهم وتميزت بكثير من مظاهر هذا الصراع المرير، بما في ذلك “مسيرة ولد زروال” ضد “الأخونة” وكانت تستهدفهم كحزب.
وهي المظاهرة التي تبرأ منها منظموها بعدما تحولت إلى فضيحة سياسية بليدة؛ وبما في ذلك “البلوكاج” السياسي الذي أعقب تعيين بنكيران كرئيس للحكومة، قبل أن “يطاح” به بالطريقة التي نعرفها جميعا في 2017!.
ثم بعد ذلك وبعد إعفائه لم يجد بنكيران حرجاً في إبداء تشكيكه في موت عبدالله باها، وأكد في إحدى الـ تصريحات الصحافية أن “لديه شكوكا حول وفاة الرجل في حادثة وادي الشراط وسيحملها معه إلى مثواه الأخير”. فماذا استجد اليوم حتى يقول بنكيران للمهداوي أن “باها مات والسلام”، وأن ملك البلاد شخصيا أمر بفتح بحث طبي لم يكن مقررا بداية وأن هناك إجراءات قانونية تمت وطوي الملف؟!.
نور الدين اليزيد مدير النشر بالزميلة “الناس”