في عملية نوعية جديدة تعكس يقظة الأجهزة الأمنية المغربية، تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائي، مؤخرا، من تفكيك خلية إرهابية خطيرة بمنطقة حد السوالم، كانت تخطط لتنفيذ عمليات تفجيرية تستهدف منشآت أمنية وأسواقًا ومرافق عمومية.
هذه العملية النوعية جاءت بعد متابعة دقيقة ورصد استخباراتي دقيق، مما مكّن السلطات من إحباط مخطط كان من شأنه أن يحدث خسائر بشرية ومادية فادحة.
وكشف عبد الرحمن العلوي اليوسفي، رئيس القسم التقني وتدبير المخاطر بمديرية الشرطة القضائية، خلال ندوة صحفية، عن نتائج الخبرة العلمية التي أجراها المختبر الوطني للشرطة العلمية على المواد المحجوزة خلال تفكيك الخلية.
وأكد أن تحليل هذه المواد كشف عن وجود مكونات خطيرة تُستخدم في تصنيع العبوات الناسفة، وهو ما يعكس نية أفراد الخلية في تنفيذ هجمات ذات طابع تخريبي خطير.
وأوضح أن المواد المحجوزة شملت كميات كبيرة من المواد الكيميائية، مثل نترات الأمونيوم وبيكربونات الصوديوم وحمض الهيدروكلوريك والكبريت، وكلها مواد تُستخدم عادة لأغراض مدنية، لكنها يمكن أن تتحول إلى مكونات شديدة الانفجار عند معالجتها بطرق معينة.
ووفقا للمتحدث ذاته، فقد أكدت الخبرة العلمية التي أُجريت على المحجوزات أن بعض المواد المصادرة تُستخدم لصنع عبوات ناسفة تقليدية، لكن بخطورة أكبر من المتفجرات العادية، بسبب تركيبها الكيميائي وسرعة اشتعالها.
كما أن التحليل أظهر أن هذه المواد قادرة على إنتاج انفجارات مدمرة عند دمجها بنسب محددة، حسب المتحدث ذاته، وهو ما يشير إلى مستوى متقدم من المعرفة التقنية لدى عناصر الخلية الإرهابية.
وأوضح اليوسفي أن القسم الثاني من المحجوزات تضمن معدات تقنية تُستخدم في إعداد العبوات الناسفة، مثل أنابيب PVC التي تُستخدم كحاويات للمواد المتفجرة، بالإضافة إلى بطاريات قوية وأسلاك كهربائية وأدوات تلحيم متطورة، تُستخدم لإنشاء دارات كهربائية للتحكم في التفجيرات عن بعد.
وتابع ذات المتحدث، أنه تم العثور على مسامير حديدية تُستخدم في تعزيز قوة الانفجار، من خلال تحويلها إلى شظايا قاتلة عند وقوع الانفجار.
ما زاد من خطورة هذه المواد هو العثور على كميات من سم الفئران، الذي يُضاف عادة إلى العبوات المتفجرة لزيادة فتكها، خصوصًا بالجرحى، حيث يؤدي إلى تسميم أي شخص يتعرض للإصابة بشظايا الانفجار.
وأكد اليوسفي أن الخبرات العلمية بيّنت أن هذه التقنية تُستخدم في بعض الهجمات الإرهابية لزيادة عدد الضحايا وإحداث أقصى درجات الفوضى والدمار.
أما القسم الثالث من المحجوزات، حسب ذات المتحدث، فقد شمل معدات مخبرية متطورة، مثل ميزان إلكتروني لقياس كميات المواد الكيميائية بدقة، وأجهزة قياس كهربائي متعددة الوظائف، وأدوات تلحيم دقيقة، ما يدل على أن عناصر الخلية كانت تعمل وفق منهجية دقيقة ومنظمة في تحضير المتفجرات، وليس بشكل عشوائي.
وشدد اليوسفي على أن تفكيك هذه الخلية يمثل نجاحًا كبيرًا للأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب، ويعكس مستوى التطور الذي وصلت إليه الشرطة العلمية في تحليل وتفكيك التهديدات الإرهابية، من خلال استغلال أحدث التقنيات في التحليل المخبري والكشف عن مكونات المتفجرات.
مضيفا أن التحقيقات لا تزال مستمرة مع المشتبه فيهم، لمعرفة المزيد من التفاصيل حول ارتباطاتهم المحتملة بجماعات إرهابية أخرى، وكيفية حصولهم على هذه المواد والمعدات، خاصة أن بعضها يحتاج إلى تصاريح خاصة للاقتناء.