اعاد موضوع المدونة النقاش العمومي الى النقطة المفصلية في هذا الكون وهي ثنائية الذكر والأنثى، او بلغة المتداول الرجل والمرأة.
في المغرب الأمازيغي احتلت المرأة مكانة مقدسة حتى جعلوا منها ملكة، وفي المغرب الصحراوي رفعوا من مكانتها حتى وصفوها بالخيمة التي هي اساس عيش اهل الصحراء، وفي مغرب العواصم الحضرية مكنوها من العلم حتى بنت لهم جامعة القرويين، وفي مغرب الجبال والسهول جعلوا من خربوشة رمزا للمقاومة.
وبمجيئ الملك محمد السادس أدرك كما كان الحال عند جده وبنسبة أقل زمن والده ان المرأة في المغرب زرع الله فيها ما لم يزرعه في نساء المسلمين وغير المسلمين عبر العالم، فتسابق المشاهير واصحاب القرار لجعلها زوجة ومستشارة، بنفس القدر الذي رأى فيها آخرون خزانا للأنوثة يعلب في علب الليل. وآخرون وجدوا في صدر المرأة المغربية خير حافظ لكتاب الله…
هذا الادراك ترجمه الملك الى خطوات ومبادرات وتشريعات تحاول ان تحمي المرأة من بطش وزحف التمدن الذي يقوده الرجل.
وفي حقيقة الأمر فإنه رغم كل المسار الحافل للنساء في بناء مغرب الامس واليوم، فلا زالت رؤيتنا للمرأة تختزل في أمور غريزية او امتاعية دون الغوص في دواخل النساء لاكتشاف معدنهن الاصيل.
المرأة المغربية إذا تعلمت تفوقت وانارت درب الرجل واضاءت فضاءات المجتمع كاملا، وإذا تركتها أمية سلمت نفسها لك ولوحدك مختصرة فيك مصيرها بأنها لك حتى الموت زوجة ومربية وطباخة ماهرة وقرينا في الفراش يمتع ويريح. بمعنى أدق تغرقك في أنوثتها الطافحة التي ليست مجرد جمال بل سلوكا ومعاملة.
كل امرأة بداخلها ولية صالحة، هي تعرف الله دون أن تقرأ او تتعلم، فهي تراه بالفطرة، وحين تكون متعلمة يزداد قلبها نورا بالأيمان والاعتقاد والالتزام.
وكل امرأة بداخلها غريزة، هي تعرف التحكم فيها إن هي بقيت محسورة فيها، وتحسن اشباعها وفق ضوابط المجتمع وحتى اجحافه، ولكنها تتحول الى عاهرة إن فقدت التحكم فيها بسبب سلطة الرجل وذكوريته.
لا تخون المرأة لهواها ما دام الزوج كفيل بما تحتاجه وتطوق اليه نفسها، لكنها ككل نساء العالم متفاوتة في التحمل و في التعايش مع اوضاع يكون فيها الرجل مصدر تعاسة.
الرجال يخونون لشهوة او لذكورية، لكن النساء لا يخن على هواهن، ولا يبحثن عن بعل غير بعلهن مادام مستوفيا لواجباته لعل أهمها الدفء والحضن الآمن وحسن المعاشرة والمضاجعة والمأكل والمشرب.
والنساء كالرياح تمنحك الهواء والاكسجين لتتنفس، وما إن كانت انفاسك تنفت السم والنجاسة تتحول الرياح الى عواصف تأتي على الأخضر واليابس حتى الاختناق.
في المغرب النساء نصف المجتمع ليس فقط في الادوار بل حتى في الاحصائيات والأرقام، والمجتمع فيه المتزوجات والمطلقات والارامل والعانسات والعازبات، كما فيه الصالحات والفاسدات، وكل هذه الاوضاع مرتبطة ميكانيكيا بالرجل البعل.
من قدر الاثنين أن الله حمل لهما معا خطيئة الاكل من شجرة التفاح، وجعل مصيرهما واحدا في ميزان الكون، فلا تلد المرأة إلا بزوج ولا يكتمل كيان أحدهما الا ببعضهما.
عندما نقر بوجود ثمان مائة حالة طلاق في اليوم الواحد، فهذا معناه بداية ان المغاربة يتزوجون، وان المغاربة منسجمون مع قواعد المجتمع في الاقدام على بناء الأسرة وتأسيسها ورعايتها.
لكن امام هذا الرقم يصبح السؤال: اين يكمن الخلل في تدهور العلاقة بين الرجل والمرأة وخاصة تحت سقف بيت الزوجية؟
في المنطلق ان الرجل للمرأة والعكس، والمبدأ أن لا احد في هذا الزمان يتزوج بلا رضاه، و البادي للعيان ان الزواج توافق بين شخصين.
فما الذي يجعل الرجل أو المرأة يستغنين عن بعضهما البعض على الاقل في مؤسسة الزواج؟
وما الذي يحول الاعجاب او الحب او الاقتناع الذي يحدث اول الأمر إلى نفور ورغبة في الانفصال؟
الجواب السهل هو رمي الكرة في مرمى الزوجين والقول بأن سبب طلاقهما الابتعاد عن الله!!!!
والجواب الجاهز هو فشل الزوجين والمجتمع في حماية الأسرة من تقلبات العصر.
والجواب الاقرب الى الصواب حدوث اختلالات في الادوار وبالتالي تباعد في الاهداف وتصادم شخصيات وحدوث صدامات.
الرجل الذي يختزل المرأة في جسدها يقول ان العلاقات الرضائية ودور الدعارة تغني عن ارتباط بزوجة مدى الحياة!!!
والمرأة التي تختزل الرجل في محفظة وسكن، تجد في عملها او اموال الرجال المحيطين بها والطامعين فيها ما يغنيها ان تشتغل خادمة ببيت رحل قد يقدر وقد لا يقدر ولا يصون!!!
على طول البلاد مراقد واضرحة لاولياء صالحين نفعوا الناس وانتفع الناس بهم. بينما قلة منهم من أقروا بولاية المرأة في دنياها ونصبوا لها مرقدا وضريحا بعد وفاتها.
لكن مالم يعلمه الكثيرون او يتحاشون الاقرار به، ان عظمة هؤلاء الاولياء استمدوا جزءا كبيرا منها من نساؤهم ورفيقات دروبهم، فكن السند والناصح والمريح والمرشد والراعي، ولكن ذلك لا يتم إلا في عش الزوجية وتحت سقف البيت و في كنف الأسرة والعائلة والقبيلة.
كتب التاريخ مهما تنكرت لبطولات نسائية فإنها عجزت عن نكران الفهرية والنفزاوية ويوحانيدو وبكار زوجة مولاي اسماعيل …
عزيزي الرجل، بداخل كل امرأة ولية صالحة وصلاحها جوهر فيها و ليس دخيل، و من صلب كينونتها وليس مجرد رواسب تربية او تعلم.
وتلك الولية الصالحة لا تنتظر منك حتى تموت وتحول قبرها الى مزار او ضريح هي تريد منك فقط و فقط ان تكون بارا لتلك الحكمة النبوية: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :(اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) رواه البخاري.
فهل تعتبرون؟