يحظى المغرب بواحدة من أرخص كلفات تحلية مياه البحر، إذ لا تتعدى قيمتها، على مستوى محطة الدار البيضاء، 4,50 دراهم للمتر المكعب الواحد. ومع توفر المملكة على شريط ساحلي من 3500 كيلومتر، يبقى تحدي التمويل أبرز عائق يواجه مشاريع التحلية باعتبارها الآلية الأساسية التي يراهن عليها المغرب لمواجهة حالة الإجهاد المائي.
وفي هذا الصدد، أكد مدير البحث والتخطيط بوزارة التجهيز والماء، عبد العزيز الزروالي، أن التحدي المطروح الآن من أجل تزويد الدار البيضاء والمراكز الحضرية القريبة منها، وأمام مشاريع التحلية بشكل عام، هو التمويل الذي ينبغي أن يضطلع به القطاع الخاص، “القطاع الخاص بطبعه يريد أن يستثمر لكنه يفكر أيضاً في المكاسب المالية، ما يجعل مشروع محطة الدار البيضاء غير سهل ويتطلب بعض الوقت”.
وفي التفاصيل، اعتبر المسؤول، الذي كان يتحدث خلال “منتدى التمويل المستدام”، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، أن “المشكلة التي نواجهها هي إلى حد كبير الاقتصاد الذي يجب إرساؤه حول هذه المشاريع، خصوصا من حيث الطاقة، لأننا عندما نقوم بتحلية مياه البحر فإن 40 في المئة تقريبًا من كلفة التحلية متعلقة بالطاقة”.
وفي سياق متصل، لفت الزروالي إلى أن المغرب كان يستفيد في السابق من “صندوق مكافحة التلوث الصناعي”، بيد أن الأمر كان يتعلق بتمويل من بنك “KfW” الألماني، داعياً القطاع البنكي المغربي للمساهمة في إعادة إطلاق هذا البرنامج الهام، والذي يستفيد من طلب كبير وسيتيح حل الكثير من المشاكل المائية، على الأقل على مستوى القطاع الصناعي.
من جانبها، تحدثت المسؤولة بمؤسسة “OCP GREEN WATER” التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، لمياء حسني، عن محاور عمل المؤسسة في مجال المياه، مشيرة إلى أن المحور الأول يتعلق بتحسين استخدام المياه في العمليات الصناعية والمعدنية والكيميائية للمكتب، “قمنا بمراجعة شاملة لجميع عملياتنا وكافة تقنياتنا من أجل استهلاك المياه بكفاءة وفعالية أكبر، لاسيما أن القطاع الكيماوي معروف باستهلاكه الكبير للمياه”.
وبخصوص المحور الثاني، فهو يتعلق بالنهوض بالبحث والتطوير الابتكاري، إذ “تم تنفيذ برامج ضخمة لدعم إنشاء عمليات وتقنيات حديثة، دائمًا بهدف إدارة المياه بشكل مستدام في القطاع الصناعي” تضيف المتحدثة ذاتها.
أما الركيزة الثالثة فهي إنتاج المياه من مصادر غير تقليدية، إذ أكدت حسني أنه تم بناء أول محطة لتحلية المياه بالمغرب وأول محطة لمعالجة المياه العادمة لدى المكتب بين عامي 2012 و2015، وذلك بهدف دعم برامج التنمية الصناعية.
وفضلا عن ذلك تمكن المكتب في سنة 2023 من تزويد مدينة آسفي بما يناهز 15 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب، وكذا مدن الجديدة والحوزية وأزمور بـ30 مليون متر مكعب، فضلا عن جنوب مدينة الدار البيضاء، نهاية العام الماضي، بـ60 مليون متر مكعب، كما يرتقب أن يزود مدينة خريبكة، في غضون بضعة أشهر، بحوالي 10 ملايين متر مكعب.
ولفتت إلى أن برنامج المكتب الشريف للفوسفاط مكن من تلبية 100 في المئة من احتياجات المصانع الكيميائية في الجديدة وآسفي وقريباً موقع خريبكة التابعة للمكتب، بخط أنابيب يبلغ طوله حوالي 214 ميلاً.
و”ضِمن هذا البرنامج، لدينا أيضًا مشروع لإنشاء محطات معالجة المياه العادمة بالفقيه بن صالح وخريبكة وآسفي وبني ملال، دائما لدعم الاستخدام الصناعي المستدام للمياه”.
ونظم “البنك المغربي للتجارة والصناعة” (BMCI)، الفرع المغربي لمجموعة “بي إن بي باريبا”، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء النسخة الثانية من منتدى التمويل المستدام. وهو حدث موجه للفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين لدعم التحول المستدام للنسيج الاقتصادي المغربي.
وفي كلمته الافتتاحية بهذه المناسبة، أشار هشام سفا، رئيس مجلس إدارة البنك المغربي للتجارة الخارجية، إلى أن الأخير “يواصل تطوير الحلول المالية المصممة خصيصًا لدعم الشركات في تحولها المستدام”، مضيفاً أن ذلك يتطلب أيضا “التحسيس والتوعية بين الفاعلين الاقتصاديين فضلاً عن الابتكار المالي”.