يسير المغرب نحو تحقيق موسم فلاحي أدنى من المتوسط نتيجة استمرار موجة الجفاف التي تضربه للسنة السادسة على التوالي، بيد أن الفاعلين الاقتصاديين يبدون متفائلين بسنة إيجابية، بفضل مجموعة من المتغيرات الاقتصادية الإيجابية وفي مقدمتها التراجع الكبير لعجز الميزانية والنمو الإيجابي للقطاعين الصناعي والخدماتي.
التوازنات الماكرو اقتصادية مبشرة
وأكد مدير مصلحة التوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية، أنس السعيدي، أن التفاؤل الذي يسود بشأن السنة الاقتصادية والمالية 2025 مرده للسيرورة الإيجابية لتحسن عجز الميزانية؛ فـ”بعد الرقم المُنذِر الذي تم تسجيله عقب أزمة “كوفيد 19″، والذي بلغ ناقص 7,6 في المئة كان الهدف هو خفضه إلى ناقص 4,4 في المئة، وقد نجحنا اليوم في بلوغ ناقص 3,5 في المئة”.
ولفت المسؤول، الذي كان يتحدث خلال ندوة افتراضية حول موضوع “كيف تبدو آفاق سنة 2025؟” اليوم الأربعاء، أن المغرب أبان عن قدرته على الصمود في وجه الصدمات الاقتصادية المتعاقبة، على غرار الانقطاعات التي عرفتها سلاسل التوريد، والتضخم الكبير الذي وصل إلى 10 في المئة خلال سنة 2023، والصعوبات التي واجهتها عدة قطاعات إنتاجية إثر ذلك.
وقال إن استقرار الإطار الماكرو-اقتصادي يبشر بسنة 2025 إيجابية من الناحية الاقتصادية، لأن “هذا الأخير يؤثر في كل المشاريع الكبرى، فإذا كنا نفتقر إلى هوامش في الميزانية لا يمكننا التفكير في المستقبل”.
وقد عرف هذا الإطار تحسنات كبيرة في الآونة الأخيرة، من حيث التحكم في التضخم الذي استقر في مستوى 1 في المئة، وهو مستوى أدنى من المبتغى الذي كان محددا في 2 في المئة، بعد وصوله إلى 10 في المئة.
وعلى المستوى القطاعي، أكد السعيدي أن تحسنا هاماً شهدته العديد من القطاعات، وفي مقدمتها القطاع الصناعي الذي سجل 9,2 في المئة في نمو نشاطه، وبلغ استخدام الطاقات الإنتاجية 77 في المئة، ما يعني ثاني أو ثالث أعلى معدل في تاريخ المغرب.
فرص وتحديات
وبدوره، أشار مدير الدراسات الاقتصادية بمؤسسة “CDG Capital”، أحمد الزهاني، إلى أنه “لا يمكننا إلا أن نكون متفائلين بالاقتصاد الوطني في 2025، بالنظر للأشياء التي حدثت وستحدث مستقبلا”، مشيراً في هذا الصدد إلى نجاح المغرب في اجتياز مرحلة أزمة “كوفيد 19” العسيرة وتوالي سنوات الجفاف والزلزال مع متطلباته على مستوى الميزانية.
وقال إنه بالرغم من كون المغرب أبان عن قدرته على الصمود في وجه الأزمات المتعاقبة، فإن لكل سنة تحدياتها الخاصة، و”تحديات سنة 2025 تتجلى في تراجع القدرة الشرائية على مستوى العالم القروي، بالإضافة إلى الاضطرابات التجارية التي يمكن أن تنجم عن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ذي التوجهات الحمائية المعروفة”.
وعلى المستوى الدولي دائماً، ينبغي وفقا للخبير الانتباه لتدهور الظرفية الاقتصادية لدى الشركاء الاقتصاديين الكبار، على غرار فرنسا التي تعاني من مستويات قياسية للمديونية وعجز الميزانية.
ومع ذلك يرتقب أن يحقق المغرب نموا إيجابيا بفضل نمو القطاعين الصناعي والخدماتي، والذين سيعوضان صعوبات القطاع الفلاحي. كما يتوقع استقرار التضخم رغم استمرار عملية إزالة المقاصة عن بعض المواد المدعومة، بالإضافة إلى التوازن الخارجي الذي لن يعرف صدمات كبيرة، وفق ما تبرزه توجهات أسعار المواد الأولية والطاقية.
سنة مهمة للحكومة وخبرة لدى السلطات المالية
من جانبها، قالت الخبيرة الاقتصادية عفاف حكم إن سنة 2025 ستكون مستقرة اقتصادياً، وفق ما تظهره توقعات صندوق النقد الدولي الذي يراهن على نمو نسبته 3,3 في المئة بالنسبة للمغرب.
واعتبرت أن 2025 على عكس سابقاتها “سنة منتظرة، من جهة لأنها ستكون حاسمة بالنسبة لظهور نتائج البرنامج الحكومي، كما ستعرف تنظيم المغرب لبعض التظاهرات واقترابه من الاستحقاقات الهامة لسنة 2030”.
وخلصت إلى أننا “بعيدون عن سيناريو كارثي، لقد تجاوزنا الأسوء بالفعل، يكفي أخذ الحيطة والحذر من بعض المخاطرالبيئية والتكنولوجية التي يصعب التكهن بها” تضيف حكم، مؤكدة في الوقت ذاته أنه “بات لدى السلطات الاقتصادية المغربية مجموعة من الآليات الميزانية والمالية والنقدية لمواجهة المخاطر، بالإضافة إلى الخبرة اللازمة لذلك، وهكذا فإن المغرب مسلح بشكل جيد لمواجهة تحديات 2025”.