دعا الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إلى “جعل 2025 سنة تسريع إعمال الإصلاح بالمواصفات التي تراعي الانتظارات المجتمعية من التربية، وتضع المنظومة على سكة التحول الدال والارتقاء بجودة التعليم وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، والارتقاء بالفرد وبالمجتمع”.
وقال المالكي ضمن كلمته الافتتاحية لأشغال الدورة السادسة من الولاية الثانية للمجلس، إن “تسريع إعمال مقتضيات القانون-الإطار، وأجرأة إطاره القانوني والتشريعي، يعتبر ضمانة أساسية لاستدامة الإصلاح وتحصينه، مع ضرورة إيجاد تصور مشترك نسقي وعرضاني للإصلاح، بغض النظر عن البنى التنظيمية، يراعي المتعلمين عبر مساراتهم الدراسية والتكوينية من التعليم الأولي إلى العالي، إلى التعلم مدى الحياة”.
وتم على هامش أشغال هذه الدورة توقيع اتفاقية شراكة بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، تخص “التعاون بخصوص التكوين في إطار الرقمنة علاقة بالمدرسة الجديدة، من خلال بلورة برامج تعتمد على الذكاء الاصطناعي والرقمنة من أجل التبادل وتقوية رقمنة التعليم والبحث العلمي”.
مدرسة جديدة
ضمن كلمته أمام المشاركين في أشغال الدورة، شدد المالكي على “مواكبة وتتبع إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المنصوص عليها في القانون-الإطار، وتلك التي يستلزمها التطبيق الكامل لمقتضياته داخل الآجال القانونية المحددة لها”، موضحا أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي “منشغل بإرساء مدرسة جديدة منذ انطلاق ولايته الثانية”.
كما ارتأى عرض “الرهانات الرئيسية المرتبطة بالإشكاليات العرضانية التي ظلت عالقة”، متابعا: “علينا ألا نتخوف من إحداث القطائع الضرورية، وابتكار حلول جديدة للحسم في الإشكالات العرضانية العالقة، والمزاوجة بين الطموح والواقعية، لأجل نهضة تربوية حقيقية لتحسين جودة التعليم بشكل جوهري”.
ودعا رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي كذلك إلى “عقد مناظرة وطنية تجعل التدابير الإجرائية التي جاءت بها الرؤية الاستراتيجية وتقرير المدرسة الجديدة موضوع تداول مع كل الأطراف المعنية”، مؤكدا على هدف “إرساء المدرسة الجديدة المستجيبة للحاجيات المستقبلية”.
مستندا إلى توجيهات ملكية بهذا الخصوص، استغل المالكي الفرصة لتوجيه رسائل مباشرة إلى أعضاء المجلس ولجانه بغرض “تسريع عملهم خلال الأشهر الخمسة القادمة قصد إتمام الالتزامات في انسجام مع خطة وعمل المجلس”، مبررا ذلك بـ”حلول منتصف الولاية”.
التوجيه والبنية التحتية
أحال الحبيب المالكي على “التقرير التحليلي حول منظومة التوجيه”، إذ أكد أن نظام التوجيه المدرسي، كما هو ممارس داخل المنظومة التربوية، “مازال لم يستوف بعد شروط الوجاهة، والنجاعة، والفعالية، والاستدامة. كما أنه يعاني من أوجه محدودية”، مؤكدا أن هذا الأخير “يعاني من سيادة الطابع الظرفي وغير المنتظم على أنشطته وغياب تتبع فردي للمتعلمين على أساس كفاياتهم أو طموحاتهم ومن الخصاص المسجل في أطر التوجيه المتخصصة”.
كما دافع عن “ضرورة الإسراع في إنشاء الوكالة الوطنية للتوجيه لوضع التوجيه في قلب النموذج البيداغوجي والعملي طوال المسار الدراسي إذا كنا نريد تكريس مبدأ الإنصاف والجودة والرقي بالفرد والمجتمع”، وفق تعبيره.
ووقف المسؤول ذاته عند نتائج تقرير “الأطلس المجالي الترابي” الذي سجّل “تحسنا تدريجيا في مستوى البنية التحتية كلما ارتفعنا في السلك التعليمي. كما سجل 53 نقطة من أصل 100 في المؤسسات الابتدائية في سنة 2022، مقابل 77 نقطة في التعليم الثانوي الإعدادي و81 نقطة في التعليم الثانوي التأهيلي، مما يعكس ارتفاعا ملحوظا في جودة البنية التحتية مع الانتقال إلى أسلاك تعليمية أعلى”.
كما كشف أن “المؤسسات التعليمية التي تضم عددا أكبر من التلاميذ تميل إلى تقديم بنية تحتية مدرسية أفضل مقارنة بنظيراتها الأصغر حجما”، مع توضيحه كيف أن “البنية التحتية لمؤسسات السلك الثانوي الإعدادي في الوسط القروي أفضل من نظيرتها في مؤسسات السلك الابتدائي في الوسط الحضري بفارق أربع نقاط (70 مقابل 66 نقطة)”.
تميّز الجنوب
حسب المالكي، فإن هذا التقرير “أظهر تميّز جهتيْ العيون-الساقية الحمراء والداخلة-وادي الذهب في مجال البنية التحتية المدرسية في مستوى التعليم الابتدائي، إذ احتلتا المركزين الأول والثاني في التصنيف الجهوي، بتسجيلهما مؤشرا يبلغ في المتوسط 68 و63 نقطة على التوالي”.
أما بالنسبة للسلك الثانوي الإعدادي، “فقد تمكنت كل من جهتي الرباط-سلا-القنيطرة والعيون-الساقية الحمراء من بلوغ عتبة 80 نقطة في مؤشر البنية التحتية المدرسية، بينما تميزت جهتا الشرق وفاس-مكناس بتوفير أفضل بنية تحتية مدرسية على المستوى الجهوي في مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي، حيث سجلتا مؤشرا قدره 84 نقطة”، يوضح المصدر سالف الذكر.
ولفت الحبيب المالكي، ضمن كلمته الافتتاحية لأشغال الدورة السادسة من الولاية الثانية للمجلس، إلى “ازدياد الفوارق في البنية التحتية كلما انتقلنا من مستوى مجالي ترابي إلى ما دونه؛ فعلى المستوى الإقليمي، هناك 50 إقليما من أصل 75 في المغرب تسجل مؤشرا يفوق هذه العتبة، مما يعادل 67 في المائة”، مؤكدا في الأخير أن “هذا التباين الكبير يعكس الحاجة إلى سياسات محلية أكثر نجاعة تساهم في تحسين البنيات التحتية التعليمية في الجماعات المحلية الأكثر تهميشا”.