على هامش النقاش الذي يثيره جمع عدد من المنتخبين بين عضوية أحد مجلسي البرلمان ورئاسة مجالس الجماعات، جاءت مقترحات بتعميم حالة التنافي بين هاذين المسؤوليتين على جميع الجماعات المحلية بغض النظر عن عدد سكانها، حيث يُحدد القانونين التنظيميين الحاليين لمجلس المستشارين ومجلس النواب سقف 300 ألف نسمة لإقرار حالة التنافي.
وبادر الفريق الحركي بمجلس النواب إلى اقتراح مباردة تشريعية لتعميم مقتضى التنافي بين العضوية في البرلمان ورئاسة جماعة يتجاوز عدد سكانها 300 ألف على كل الجماعات مهما كان عدد سكانها، توخيا للنجاعة والحكامة الجيدة، وتفاديا لإسقاطات مشاكل بعض رؤساء الجماعات على صورة المؤسسة التشريعية.
ووفق المذكرة التقديمية للمقترح، الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، فإن “الهدف من هذا المقترح هو الحد من تعدد المهام رغم اختلافها في الدستور وفي القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات والجماعات الترابية ومجالس العمالات والأقاليم وفي القانونين التنظيميين لمجلس البرلمان وأنظمتها الداخلية”.
وأوضحت الوثيقة ذاتها أن “الغاية من هذه المبادرة هو تفرغ رؤساء المجالس، للعمل الجماعي، باعتباره عملا للقرب، لاسيما أن الطموح التنموي يجعل الجماعات الترابية من المداخل الأساسية للإسهام في التنمية الاقتصادية للبلاد، بالإضافة إلى النهوض بالشأن الاجتماعي والبيئي والثقافي والرياضي والخدماتي وغيره على النطاق المحلي”.
وأحالت المذكرة نفسها على الرسالة الملكية للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، التي أكد من خلالها الملك على الدور الحاسم الذي يجب أن يضطلع به البرلمان في نشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون وتكريس ثقافة المشاركة والحوار وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة، بالإضافة إلى الدستور والمعايير الكونية للديمقراطية التمثيلية، والتي من بين أسسها الاقتراع الحر والنزيه والتعددية الحزبية والتناوب على تسيير الشأن العام.
محمد شقير، محلل سياسي، قال إن “المشهد السياسي تميز طيلة العقود السابقة بجمع نفس الشخصيات السياسية لعدة مناصب ومسؤوليات سواء داخل المؤسسة التنفيذية أو المؤسسة التشريعية أو الجمع بين التمثيلية البرلمانية والتمثيلية المحلية مما أدى إلى عدة اختلالات تنظيمية كظاهرة الغياب داخل البرلمان أو عدم تتبع رئيس الجماعة لشؤون جماعته”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة “مدار21” الالكترونية، أن “هذه الاختلالات في أداء المنتخبين لمهامهم بسبب الازدواجية بين عضوية أحد مجلسي البرلمان ورئاسة مجالس الجماعات الترابية مرده إلى صعوبات التوفيق بين الحضور البرلماني وأداء المهام الموكولة للنائب البرلماني وبين تدبير الشأن المحلي الجماعي”.
وسجل المهتم بالشأن السياسي أن “ما يسمح بهذا الجمع هو أنه عادة ما يتم الترشح للانتخابات الجماعية مطية فقط للحصول على منصب داخل البرلمان، خاصة بمجلس المستشارين، خاصة وأن القانون يسمح بهذا الجمع لكونه لا يضع موانع قانونية أو ما يسمى بحالة التنافي”.
واعتبر شقير أنه “لا بد من إنضاج هذه المباردة التشريعية”، مشيرا إلى أن “الوضع الحالي يؤدي إلى سوء تسيير لشؤون الجماعات، سواء كانت جماعة صغيرة أو كبيرة من حيث عدد سكانها، بحكم ما تتطلبه هذه المسؤولية من تفرغ وتتبع وإشراف يومي على شؤون الساكنة”.
وعلى مستوى تأثير استمرار السماح بإمكانية جمع المنتخبين بين عضوية أحد مجلسي البرلمان ورئاسة جماعة، لفت المحلل السياسي إلى أن “هذه الصلاحية التي يمنحها القانون كثيرا ما تجعل منتخبين محليين أو برلمانيين عادة ما يختفون بمجرد نجاحهم في الانتخابات الجماعية والجهوية أو البرلمانية”.
وتعليقا على مبادرة الفريق الحركي، شدد المحلل السياسي على أنها “تأتي في وقتها نظرا بضرورة جعل حالة التنافي معممة على كل المسؤوليات”، مسجلا أن “تعقد التسيير الجماعي كيفما كان حجم الجماعة وعدد ساكنها يتطلب من المسؤول التفرغ التام لهذه المسؤولية والاختيار بين إحدى المسؤوليتين”.