DR
مدة القراءة: 3′
في ظل قلة البيانات حول تأثير العوامل الفردية في الهدر المدرسي بالمغرب، تبنّى باحثان من جامعتي القاضي عياض ومحمد السادس متعددة التخصصات مقاربة جغرافية شاملة، استنادًا إلى 100 مرجع علمي.
وفي دراستهما التي تحمل عنوان “العوائق الإقليمية وراء الهدر المدرسي المبكر في المغرب: تحليل مكاني متعدد المتغيرات”، أبرز الباحثان عامر عيبورك وسكينة الراوي دور “الأسر الكبيرة القائمة على تعدد الزوجات” في هذا السياق. إذ تتحمل هذه الأسر أعباء مالية أكبر، خاصة عندما يكون الأب هو المعيل الوحيد.
ويرى الباحثان أن تعدد الزوجات يعدّ “عاملًا يؤدي إلى تفاقم استبعاد الأطفال من التعليم”، إذ أن الهدر المدرسي يتسم بطابع تراكمي يرتبط بعدة عوامل متداخلة.
دور العوامل الإقليمية في تفاقم الظاهرة
إلى جانب تعدد الزوجات، توصلت الدراسة إلى أن “وضعية الأرامل” تؤثر بدورها على قدرة النساء على تحمل مسؤولية إعالة أبنائهن. كما سلط الباحثان الضوء أيضا على الفقر، وعزلة بعض المناطق القروية عن المراكز الحضرية كعوامل رئيسية تُسهم في ارتفاع معدلات التسرب الدراسي.
وتشير الإحصائيات إلى أن معدلات الهدر المدرسي تظل منخفضة (1%) في المناطق التي لا تتراكم فيها هذه العوامل، بينما قد تصل إلى 25% في الأقاليم الأكثر تضررًا، بمتوسط وطني يقارب 8%.
وأظهرت الدراسة أيضا، أن أدنى معدلات الهدر الدراسي سُجلت في الدار البيضاء، والرباط، وكلميم، وبوجدور، والسمارة، وطانطان، وأسا الزاك. في المقابل، بلغت النسب الأعلى في شيشاوة، والصويرة، والرحامنة، واليوسفية، وأزيلال، والحسيمة، وشفشاون، وفكيك، وجرسيف، وتاونات، ومولاي يعقوب، وسيدي بنور.
كما أبرزت الدراسة العلاقة الوثيقة بين الهدر المدرسي قبل سن 15 عامًا والاندماج في سوق العمل غير المهيكل. وعلى النقيض، كان للتعليم الأولي والمدارس القريبة من التجمعات السكنية تأثير إيجابي في الحد من الظاهرة.
توصيات لمكافحة الهدر المدرسي
أكد الباحثان على ضرورة تبني “تدخلات متعددة الأبعاد والقطاعات” تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منطقة. وهو ما يتماشى مع تقرير وزارة التربية الوطنية الذي أشار إلى أن 45.5% من التلاميذ المنقطعين ينتمون إلى الوسط القروي.
وخلال العام الدراسي 2022-2023، سجلت الوزارة انخفاضًا بنسبة 12% في أعداد المتسربين، حيث انخفض الرقم من 334,000 إلى 294,000 مقارنة بالعام السابق.
وبحسب الباحثين، فإن الهدر المدرسي لا يحرم التلاميذ فقط من تحقيق إمكاناتهم، بل يؤثر أيضًا على التنمية المحلية، إذ تُظهر بيانات البنك الدولي أن آلاف الطلاب يغادرون المدرسة سنويًا دون الحصول على شهادة.
وفي السنة الدراسية 2019-2020 وحدها، غادر 304,545 تلميذًا التعليم العمومي دون شهادة، 78% منهم في الابتدائي والإعدادي.
أما من الناحية المالية، فيكلف الهدر المدرسي الدولة حوالي 10% من ميزانية التعليم، أي نحو 9 مليارات درهم سنويًا، وفقًا لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (CESE). كما يُعتبر الانقطاع عن الدراسة بين الابتدائي والإعدادي أحد الأسباب الرئيسية لالتحاق الشباب بفئة “NEET” (أي غير المنخرطين في التعليم أو التكوين أو سوق العمل).
وللحد من الظاهرة، أوصى المجلس بتعميم المدارس المجتمعية في القرى، مع تحسين بنيتها التحتية وتعزيز خدمات النقل المدرسي. كما دعا إلى توسيع عرض التكوين المهني في القرى، مع تكييف التخصصات وفق احتياجات كل منطقة