DR
مدة القراءة: 4′
خنجر ذو نصل منحنٍ، صُمم ليؤدي أكثر من مجرد قطع سطحي. يتميز مقبضه بشكل “الطاووس”، وهو مصمم لحماية ظهر يد حامله. صُنع هذا الخنجر من قبل المغاربة لاستخدامه في المعارك، كما هو الحال مع قوات الكوميين، ويُعرف باسم “الكومية” في الأمازيغية. واليوم، أصبح قطعة زخرفية جميلة، تُضاف إلى الزي التقليدي لراقصي أحواش أو يرتديها العريس ضمن لباس الزفاف التقليدي.
لا تُصنع الكُومية للقطع فقط، بل للإبهار أيضًا. غالبًا ما تُزين بالفضة أو النحاس الأصفر، وتحتوي على مقبض خشبي، مزخرف بنقوش محفورة أو أحجار كريمة. وهناك أيضًا نسخ ملكية من الكُومية، تناسب الملوك، حيث يرتديها أفراد العائلة المالكة أو تُهدى إلى الضيوف البارزين والحلفاء.
إحدى هذه الخناجر الملكية، المصنوعة من الذهب والمرصعة بالأحجار الكريمة، وجدت طريقها إلى صائغي المجوهرات في نيويورك. وقد انتشر مقطع فيديو لهذا الخنجر الذهبي على حساب إنستغرام الخاص بتاجر المجوهرات الشهير في نيويورك، “بيني ذا ديلر”.
في مقطع الفيديو، يظهر بيني وهو يتلقى هذا الخنجر من تاجر يدّعي أنه كان بحوزته لأكثر من 35 عامًا في خزنة، قبل أن يقرر بيعه. وقال التاجر وهو يعرض الخنجر الذهبي عيار 18 قيراطًا، المرصع بأحجار حمراء وخضراء، يُرجح أنها الزمرد والياقوت: “احتفظت به لأكثر من 35 عامًا في الخزنة، والآن قررت بيعه”.
ينطلق بيني في مهمة للعثور على أفضل سعر لهذا الخنجر الثمين. وأثناء بحثه، يلتقي ببائع مصري يقرأ النقش الموجود على مقبض الخنجر: “من جلالة ملك المغرب”.
أثار هذا الخنجر اهتمام تجار المجوهرات، حيث قال أحدهم: “سأشتريه منك مقابل 20,000 إلى 23,000 دولار، وحتى 25,000 دولار، فقط لمظهره”. ومع ذلك، لم يقتنع بيني تمامًا بالقصة، قائلاً: “يزعمون أنهم اشتروه قبل 35 عامًا، واحتفظوا به كل هذا الوقت”.
في مقطع فيديو ثانٍ نُشر يوم الخميس، وجد بيني أخيرًا مشتريًا يُدرك القيمة الحقيقية للخنجر، بعيدًا عن محتواه الذهبي. قال لتاجرة مجوهرات مغربية: “أنتِ تعرفين قيمته لأنه من بلدك”، فأجابت بحزم: “إنه لي”.
تمت الصفقة بسرعة، حيث أكدت التاجرة بثقة: “مهما كان السعر، فهو لي. وسآخذه معي الآن. إنه ذو قيمة معنوية أكثر من أي شيء آخر”. وأضافت: “أنت تعلم أنه سيبقى في الخزنة، ولن يذهب إلى أي مكان”. وقد تم بيع الخنجر بمبلغ 70,000 دولار.
تقليد ملكي في الإهداء
من خلال النقش الموجود على الخنجر، يُرجح أنه كان هدية من ملك المغرب، وهو تقليد اتبعه السلاطين والملوك المغاربة لقرون. فقد أهدى ملوك المغرب العديد من الخناجر الملكية، إلى جانب قطع ثمينة أخرى من المجوهرات المغربية الصنع، إلى حكام أجانب وحلفاء وشخصيات بارزة.
كان أحد أبرز المستفيدين من هذا التقليد الرئيس فرانكلين د. روزفلت. ففي عام 1943، خلال زيارته للمغرب ضمن مجهودات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، حضر روزفلت مؤتمر الدار البيضاء إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل. وفي مساء يوم 22 يناير 1943، استضاف السلطان محمد بن يوسف، الذي أصبح لاحقًا الملك محمد الخامس، روزفلت وتشرشل على العشاء. وخلال العشاء، قدم السلطان لروزفلت هدايا، من بينها خنجر ذو مقبض وغمد من الذهب، موضوع في صندوق من خشب الساج المطعّم بعرق اللؤلؤ، وفقًا لمكتبة ومتحف فرانكلين د. روزفلت الرئاسي.
خنجر مماثل، مصنوع من الذهب ومزين بأحجار خضراء، يُعتقد أنه قُدم كهدية من الملك الراحل الحسن الثاني إلى أحد المبعوثين في عام 1950.
وُصف هذا الخنجر بأنه يحمل مقبضًا من العاج، ورأسًا ذهبيًا منقوشًا بعبارة بارزة: “نيابة عن جلالة ملك المغرب”، ومرصعًا بحجر يشب كابوشون (Jade Cabochon) وألماسات صغيرة. أما مقبضه الذهبي، فهو مزخرف بزخارف نباتية متقنة.
يحمل النصل المطلي بالمينا والمحفور في طليطلة نقشًا عربيًا يقول: “نصر من الله وفتح قريب”. أما غمد الخنجر الفاخر، فهو مصنوع من الذهب المخرم والمحفور، ومرصع بالألماس، وأحجار الفيروز الصغيرة، وستة أحجار يشب كابوشون. وفي عام 2019، قُدرت قيمته بما يتراوح بين 13,000 و14,000 يورو.
في عام 2000، وخلال زيارة الملك محمد السادس والأميرة للا مريم إلى البيت الأبيض، قُدم خنجر مزخرف بالذهب ومرصع بالألماس والزمرد كهدية إلى الرئيس بيل كلينتون.
أما في الآونة الأخيرة، وخلال زيارته الرسمية إلى المغرب في أكتوبر 2024، تلقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خنجرًا ذهبيًا من الملك محمد السادس عقب مراسم توقيع الاتفاقيات.