كشفت تيوفيلا مارتينيز، رئيسة هيئة ميناء خليج قادس (APBC)، عن استمرار المفاوضات مع رجال أعمال ومسؤولين سياسيين من مدينة أكادير بهدف إنشاء خط بحري جديد لتعزيز حركة البضائع بين الميناءين.
وأكدت في حوار لها أدلت به لإذاعة قادس، أن أكادير، الواقعة على الواجهة الأطلسية، تعرف بقدراتها العالية في القطاعين الزراعي والغذائي، مما يجعل ميناء قادس نقطة مثالية لتصدير منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية.
وأوضحت المتحدث أن الهدف من المشروع لا يقتصر على تدفق البضائع من المغرب إلى أوروبا، بل يشمل أيضا تعزيز نقل منتجات الاتحاد الأوروبي إلى السوق المغربية، لتحقيق توازن تجاري بين الجانبين.
وأشارت إلى أن وفدا من ميناء قادس، يضم ممثلين عن الحكومة وإدارة الأندلس والمجلس الإقليمي وغرفة التجارة، زار منطقة أكادير لتقييم تأثير الخط البحري المرتقب، كاشفة عن زيارة مرتقبة خلال الربع الأول من عام 2025 لوفد مغربي يضم مسؤولين ورجال أعمال للاطلاع على إمكانيات ميناء قادس.
وفي سياق آخر، أعربت مارتينيز عن استيائها من التأخير في إنجاز مشروعين استراتيجيين بميناء قادس، وهما الحديقة اللوجستية “لوجيكا” ومشروع إخلاء أراضي “تروكاديرو” لتوسيع رصيف “كابيزيلا”، الذي يعاني من الاكتظاظ. وأوضحت أن العقبات البيروقراطية تعيق تقدم هذه المشاريع التي تُعد أساسية لتعزيز النشاط الاقتصادي.
تطور حجم المبادلات
تعد العلاقات التجارية والاقتصادية بين المغرب وإسبانيا نموذجًا للتعاون الناجح، حيث شهدت السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في حجم التبادلات الثنائية، ووفقًا للمحلل الاقتصادي، محمد جدري، فإن المبادلات التجارية بين البلدين تجاوزت حاجز 22 مليار أورو خلال السنة الماضية، مما يؤكد أن الشراكة بينهما تمر بأفضل مراحلها.
وأوضح جدري أن هذا التعاون الاقتصادي يشهد تطورا نحو تعزيز الروابط البحرية كخطوة استراتيجية لدعم التبادل التجاري، مشيرا إلى أن المشروع المرتقب لإنشاء خط بحري جديد سيربط الأقاليم الجنوبية، بما في ذلك أكادير وربما العيون، بإسبانيا، وهو ما يهدف إلى تعزيز حجم وقيمة المبادلات التجارية بين البلدين، سواء من المغرب إلى إسبانيا أو العكس.
وأضاف المحلل أن المشروع يفتح آفاقا جديدة لتوسيع نطاق التجارة، حيث يمكن لإسبانيا تصدير مجموعة من السلع إلى المغرب، لتكون بوابة للتصدير نحو إفريقيا، وبالمقابل، يوفر المغرب فرصا لإمداد إسبانيا بالسلع التي يمكن توزيعها داخل السوق الأوروبية.
ويرى جدري أن هذا التوجه يحمل فوائد اقتصادية كبيرة لكلا البلدين، إذ يساهم في خلق الثروة وتعزيز القيمة المضافة، فضلا عن توفير العديد من فرص العمل، ما ينعكس إيجابيًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وخلص المحلل الاقتصادي حديثه بالتأكيد على أن تطوير الروابط البحرية بين المغرب وإسبانيا يعكس رؤية استراتيجية لتعزيز الشراكة بين البلدين، مع التركيز على تحويل التحديات اللوجستية إلى فرص اقتصادية تسهم في تحقيق مكاسب مشتركة.
ارتفاع قيمة المبالادات
جدير بالذكر أن سفارة إسبانيا بالمغرب كشفت السنة الماضية أن واردات مدريد من الرباط بلغت 2.5 مليار يورو خلال الربع الأول من عام 2024، بزيادة نسبتها 3% مقارنة بإجمالي صادرات المغرب، رغم الانكماش الذي يشهده السوق العالمي.
وبلغت واردات إسبانيا من المغرب في عام 2023 أكثر من 9 مليارات يورو، ما يعكس نموا سنويا بنسبة 4%، ما جعل المملكة تحتل المرتبة 11 في قائمة الدول الموردة لإسبانيا، مساهما بأكثر من 2% من احتياجات السوق الإسبانية، وسط توقعات بزيادة حضوره في السنوات المقبلة.
على صعيد آخر، انخفضت صادرات إسبانيا إلى المغرب بنسبة تجاوزت 6% في الربع الأول من عام 2024، بقيمة تجاوزت 3 مليارات يورو، مقارنة بإنجاز تاريخي حققته في عام 2023، حين بلغت صادراتها نحو المغرب 12 مليار يورو، ما جعل المملكة تحتل المرتبة الثالثة بين الأسواق الدولية الرئيسية للسلع الإسبانية خارج الاتحاد الأوروبي، بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، بنسبة 3.2% من إجمالي صادرات إسبانيا خلال العام الماضي.
وللإشارة فإن تقارير إسبانيا اعتبرت أن الخط البحري الجديد المزمع القيام بيه بين المغرب والسنغال، يفتح آفاقا جديدة للتجارة بين إفريقيا وأوروبا، إذ أن المركبات القادمة من أوروبا عبر إسبانيا يمكنها الاستفادة من هذا الخط، مسجلة أن هذه المبادرة تأتي من قبل مجموعة من المستثمرين البريطانيين الذين يشكلون العمود الفقري لشركة “أطلس مارين”.
وحسب المصدر ذاته فإن شركة “أطلس مارين” تسعى للتوسع أبعد من ذلك، حيث من المقرر أن تمتد رحلاتها في المستقبل لتشمل قادس (إسبانيا)، تليها بورتسموث (جنوب إنجلترا)، وبالتالي فإن الهدف من خلال هذه الخطوة هو توفير حل عملي للسائقين المتوجهين إلى جنوب أوروبا (إسبانيا، فرنسا، إيطاليا) عبر قادس، ثم إلى شمال أوروبا (المملكة المتحدة، هولندا، بلجيكا، السويد، الدنمارك) عبر بورتسموث، وكما هو الحال مع خط أكادير-دكار، سيتم تخصيص كل رحلة لشركة فرعية محددة.