هبة بريس /. الرباط
أبدى الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة محمد بودن رأيه في مضامين الخطاب الملكي الاخير وقال “في الواقع الخطاب الملكي بمناسبة الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة ، جاء مرسخا للخيارات الوطنية الكبرى في ملف الصحراء المغربية وقدم استراتيجية عمل واضحة ترتكز على ثقافة استراتيجية و معرفة عميقة بمقتضيات المرحلة و بعد نظر في الحكم على الوقائع و التطورات.”
وسجل بودن أن ” الأمر يتعلق بخطاب زعيم حكيم و مجدد للمقاربات وفق التطورات الحاصلة داخليا و خارجيا و في مختلف أبعاد ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
ويرى الخبير ان خطاب الملك محمد السادس حدد أسبقيات و أولويات المرحلة من أجل استثمار المكاسب المحققة و استكشاف جوانب جديدة لإضافة مصادر زخم جديدة لقضية الأمة المغربية و تعزيز ديناميتها الدولية
وتابع في مداخلة تحليلية ” لقد نسج الخطاب الملكي مسارا واضحا بشأن ملف الصحراء المغربية في المستقبل مؤكدا أنه لامس ثلاث عناصر جوهرية : ”
أولا : إبراز دينامية التغيير في ملف الصحراء المغربية في إطار معادلة المحددات الثابتة و المقاربات المتحركة وقد حقق هذا التوجه إعتراف فرنسا بسيادة المغرب على صحرائه بما يعكسه موقف هذا البلد الوازن من قيمة استراتيجية بالنظر لكونه شاهدا تاريخيا و مطلعا على تاريخ المنطقة المغاربية.
وفي إطار هذه الدينامية تعزز الاتجاه الدولي لدعم الحكم الذاتي بمواقف غير مسبوقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و اسبانيا فضلا عن عدد من الدول من مختلف المناطق الجيوسياسية بالعالم والتي يصل عددها حوالي 110 بلدان تدعم الأساس القوي الذي،تمثله مبادرة الحكم الذاتي، فضلا عن استمرار فتح القنصليات العامة بكل من العيون و الداخلة و التي بلغ عددها 30 قنصلية في تجسيد للدعم التام لسيادة المغرب على صحرائه.
ثانيا : تأكيد الدور الفاعل للمملكة المغربية في محيطها الإقليمي من خلال المبادرات الاستراتيجية لصاحب الجلالة لاسيما المبادرة الملكية الأطلسية و المبادرة الملكية لفائدة بلدان الساحل و المشروع الأطلسي الهيكلي خط أنابيب الغاز نيجيريا- المغرب و التي تمثل ترجمة للبعد الأطلسي الاستراتيجي المتوفر للصحراء المغربية
ثالثا : أهمية مشاركة مختلف المتدخلين و الفاعلين في العمل الدبلوماسي الموازي و الانتشار المكثف و النوعي للدبلوماسية البرلمانية و الحزبية و المدنية و غيرها بما يحد من استغلال هذه المساحة من طرف خصوم الوحدة الترابية.
وبخصوص مسار انتقال ملف الصحراء المغربية من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير تحققت العديد من المتغيرات سجلها بودن على الشكل الٱتي :
أولا : التغيير التنموي في واقع الصحراء المغربية بمعزل عن المسار الأممي للملف و قد تعزز الواقع التنموي المزدهر بالأقاليم الجنوبية مع إطلاق جلالة الملك للنموذج التنموي في سنتي 2015 و 2016 بغلاف مالي بلغ 77 مليار درهم.
ثانيا : حصول متغيرات عديدة في لغة الأمم المتحدة و مجلس الأمن منذ سنة 2007 وفي مواقف الدول التي اخذت مبادرة الحكم الذاتي مساحة أكبر في بياناتها و خطاباتها المتعلقة بملف الصحراء المغربية كما ان دعم مبادرة الحكم الذاتي لم يعد نقطة خلاف في المجتمع الدولي ، و منذ عودة المغرب للاتحاد الافريقي في سنة 2017 حصل تحول كبير في دور الاتحاد الأفريقي بشأن الملف.
ثالثا : من المتغيرات الواضحة في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية يمكن تسجيل توقف الاعترافات بالكيان الوهمي بحيث بلغ عدد الدول التي لا تعترف أو لم يسبق لها الاعتراف به 164 عضوا بالامم المتحدة.
رابعا : من بين مظاهر التغيير الكثيرة أن الصحراء المغربية أصبحت منطقة جذب للاستثمارات الدولية وقطبا قنصليا منذ سنة 2020.كما أنها تمثل نقطة ارتكاز هامة في العلاقات التجارية عبر الأطلسي وفي التعاون الأمني لمكافحة مختلف التهديدات.
إن الهدف بالنسبة للمغرب ليس هو تدبير الملف لكسب الوقت أو إطالة النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بل قيادة تغيير واضح المعالم واخذ زمام المبادرة في إطار السيادة المغربية بالبحث عن حل و التغيير المنشود جاء عبر مبادرة الحكم الذاتي التي تجد صداها في معايير الحل المحددة في البند الثاني من القرارات الأممية الأخيرة
و بالتالي فالمغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس يركز على النتائج و المبادرات الملموسة و ليس على انتاج الحلقات المفرغة و الخطوات العقيمة التي تقوم بها الأطراف المناوئة. ـ يقول بودن
وختم تحليله قائلا ” ما يقوم به المغرب كما ورد في الخطاب الملكي السامي لا يتعلق بنوايا أو أوهام بل بعمل مخلص و نتائج واضحة تتراءى أمام الرأي العام المحلي و الدولي في إطار منطق يخلص إلى أن سيادة المغرب حق راسخ وحقيقة ثابتة و النزاع المفتعل حولها سينتهي في أسرع وقت وشروط ذلك متوفرة و تتعزز كل يوم .