مصطفى المنوزي *
حرمت النخبة في خطاب الملكي أمام البرلمانيين من توجيهات أو إشارات تهم القضايا المصيرية والشؤون السياسية والإقتصادية والإجتماعية والحقوقية للوطن (طبعا للضرورات السيادية أحكام )، ما عدا القضية الصحراوية الوطنية والتي اعتبرها جلالة الملك ذات الأولوية الكبرى، وخاصة بمناسبة موقف فرنسا (مالكة الحقيقة السياسية لملف الصحرائين المغربيتين ) والذي خصص له إحتفاء متميز بدعوة الرئيس ماكرون وفريقيه الدولتي والحكومي وكذا مستشاريه في الإقتصاد والأمن والدفاع والثقافة .
وتظل مناسبة خطاب ذكرى المسيرة الخضراء فرصة للإستدراك، خاصة وأن الجبهة الوطنية (الداخلية) تحتاج إلى رص الصفوف على أساس مقاربة وطنية استراتيجية واضحة بضرورة مصارحة المغاربة بخطورة المنعطف الذي يمر منه العالم ومدى تاثير كافة التحولات الجيوستراتيجية على الوضع الوطني، وعلى مستوى الكلفة الإنسانية على الخصوص ، مما يستدعي ضرورة تضحيات المغاربة خلال جميع مراحل ومحطات الكفاح التحرري والنضال الديموقراطي ، من أجل مغرب حر ومستقل وديمقراطي في ظل دولة الجهات والمؤسسات والقانون، وهي مناسبة للدعوة إلى ضرورة العمل على تصفية البيئة الحقوقية في أفق استكمال أوراش الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والتشريعية والمستلهمة روحها من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ، وخاصة في شقها الدستوري و السياسي ، وبالأخص في مجال تحصين إستقلالية السلطة القضائية والسلطة التشريعية من أي اعتداء وتعسف من تضخم الأنا لدى الرأس الثانية للسلطة التنفيذية ، هذه الأخيرة ( أي المجلس الحكومي) التي تحاول التحكم وفرض الوصاية في مجال التشريع والقضاء ، مما يهدد بنقض كل إلتزامات وتعهدات الدولة في شخص رئيسها الدستوري في العلاقة مع المفهوم الجديد للسلطة والمفهوم الجديد للعدل .
سادس نونبر ولاشك سيكون مناسبة لمصالحة القضاء مع المجتمع من خلال إقرار مصالحة السلطة القضائية مع كافة مكونات منظومة العدالة، وعلى الخصوص مع المحاماة والتي تشكل أكبر دعامة لدولة الحق والقانون والمؤسسات، مادام التاريخ قد دون بمداد الفخر والشرف والإعتزاز الحضور والمشاركة الدائمة لأصحاب البذلة السوداء كطليعة الكفاح الوطني والبناء الديموقراطي وعلى جميع الأصعدة وكافة الجبهات واللحظات.
*رئيس المركز المغربي للديموقراطية والأمن
رئيس أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي