السبت, مارس 22, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيخرق الهدنة في غزة: انقاذ لحكومة نتنياهو

خرق الهدنة في غزة: انقاذ لحكومة نتنياهو


بقلم: ياسين المصلوحي

لقد كان من المنتظر انهيار الهدنة في غزة في أي وقت، وخرقها من قوات الاحتلال، وكان السؤال فقط حول الأسباب التي سيتحجج بها. حيث شنت طائرات الاحتلال غارات مكثفة في ليلة رمضانية ساكنة، تحولت إلى جحيم ودمار فوق رؤوس المدنيين العزل، الذين استأمنوا أنفسهم ووثقوا بوعد محتل غاصب لا عهد له على مر التاريخ، حيث إن كل الهدنات التي تم الاتفاق عليها، سواء مع حركة حماس أو قبلها مع الدول العربية خلال حروب نهاية الأربعينات، كانت تخرقها سلطات الاحتلال بشكل أو بآخر.
هذه الغارات، التي لم تحترم قدسية شهر رمضان المبارك وما له من رمزية دينية لدى كل الشرائع، وليس المسلمين فقط، أسقطت أكثر من 900 شهيد، أغلبهم من المدنيين والأطفال. فإن كانت قوات الاحتلال تتذرع بهجمات 7 أكتوبر خلال عدوانها السابق، فاليوم لا تجد، لا هي ولا من كان يلقي اللوم على حركة حماس، أي ذريعة تتحجج بها لخرق هذه الهدنة وسفك دماء الأطفال الأبرياء.
وليست هذه الغارات العسكرية هي الوجه الأول أو الوحيد لخرق الهدنة، بل إنها سبقت ذلك بعدة مظاهر كانت تنبئ بانهيار الهدنة عما قريب، من خلال تماطلها في تسليم الأسرى الفلسطينيين في صفقات تبادل الأسرى، وعدم انسحابها من محور فيلادلفيا، واستمرارها في غلق بعض المعابر الحدودية، وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة… كل هذه السلوكيات كانت توحي بعدم التزام قوات الاحتلال بما تعهدت به أمام الأطراف الدولية الراعية للهدنة.
الأنانية السياسية لبنيامين نتنياهو دفعته للمخاطرة بحياة باقي الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس، حيث إن العمليات العسكرية قد تؤدي لمقتلهم، وهي بمثابة حكم عليهم بالإعدام بنيران جنودهم. إلا أن عودة حزب “القوة اليهودية” بزعامة بن غفير إلى الائتلاف الحكومي أثمن لديه من حياة الأسرى والتزاماته الدولية، فمنذ خروج حزب بن غفير من حكومة نتنياهو، وهذه الأخيرة تتخبط في مشاكل سياسية وعلى وشك الانهيار.
كما أن الظرفية المقبلة، التي تتميز بالتصويت على الميزانية السنوية، تستوجب من نتنياهو أن يتوفر على أغلبية حكومية مريحة. وللحصول على ذلك، كان عليه الرضوخ لمطالب بن غفير بخرق الهدنة، التي كانت هي السبب الأصلي في خروجه من التحالف الحكومي، دون الاكتراث بتبعات تجدد العدوان على غزة، خصوصاً مع عائلات الرهائن التي لم تصمت، بل نظمت عدة وقفات احتجاجية على خرق الهدنة. لكن هدفه الأسمى هو إنقاذ حكومته من الانهيار، خصوصاً مع الدعم المالي والعسكري المطلق الذي أصبح يتلقاه من دونالد ترامب، بعد فشل خطة هذا الأخير في إقناع الدول العربية بمخطط تهجير سكان القطاع.
حيث يجد قاطن البيت الأبيض في خرق الهدنة هذا إعادة إحياء لخطته بالتهجير كبديل لا مناص منه للفرار من جحيم غارات الاحتلال، فيضعهم أمام خيارين: إما القبول بالتهجير، أو البقاء تحت رحمة صواريخ الاحتلال.
هذه الهدنة الهشة، الأوهن من بيت العنكبوت، كان جلياً خرقها عاجلاً أم آجلاً، خصوصاً بعد تصريحات مسؤولين مقربين من نتنياهو غداة توقيعها، يعبرون فيها عن أن الخيار العسكري مطروح دائماً وسيتم اللجوء إليه، ما يعني أن نية الاحتلال في معاودة العدوان كانت واضحة ومنتظرة، يريدون فقط التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق السياسية والعسكرية.
إن هذه التصرفات الاستفزازية من قوات الاحتلال، التي تضرب من خلالها عرض الحائط كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية الإنسانية، وتفرض منطق البقاء للأقوى في تحدٍّ صارخ لقيم حقوق الإنسان وتوجيهات الأمم المتحدة، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه المنظمة الدولية وما يرافقها من وكالات ومجالس أممية ليست إلا هيئات صورية معطلة، يتم تحريكها حسب أجنداتها أو يتم تجاهلها.
ويضعها ذلك في موقف محرج، ويطرح تساؤلات حول مدى إلزاميتها، فالذي تحدى قرار المحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرته مجرم حرب يمكنه تجاوز كل الضوابط والمحددات الأخرى.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات