أعاد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تداول مقال رأي قديم يعود لسنة 2018 لعبد اللطيف وهبي، وزير العدل الحالي في حكومة عزيز أخنوش، حذر من خلاله من خطورة ما وصفه بـ “الفراغ السياسي” الذي يخيم على المشهد آنذاك، مؤكدا أن هذا الوضع يهدد العلاقة بين السياسة والمواطنين، ويُفقد القضايا الجوهرية أهميتها.
وجاء تداول مقال وهبي القديم في سياق الجدل الذي أثارته تصريحات محمد أوجار، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي طالب وزراء الحكومة الحالية إلى النزول إلى الشارع، والظهور في وسائل الإعلام، وعقد تجمعات تواصلية مع المواطنين لشرح السياسات الحكومية والإنجازات المحققة.
واستهل وهبي مقاله باقتباس لجورج بيرنارد شو “السياسة جنة المتبجحين”، ليصف شعور “الخواء” الذي قد ينتاب المرء حين يرى الأمور تسير دون رؤية واضحة أو أفق لحل الأزمات، مشيرا إلى أن هذا الفراغ يؤدي إلى ظهور قضايا هامشية تأخذ حيزا كبيرا من النقاش العام على حساب القضايا الأساسية.
وانتقد وهبي غياب المشاريع السياسية والاقتصادية والفكرية الواضحة، ما يدفع البعض إلى تبادل الاتهامات حول “الولاء للوطن وللملكية”، واستخدام مصطلحات مثل “الريع والامتيازات واستغلال النفوذ” بشكل انتهازي، ما أدى إلى فقدان “لغة الحوار” وقيمتها.
ووصف وهبي تلك المرحلة بأنها “أقبح مرحلة سياسية في تاريخنا المعاصر”، حيث تُركت اهتمامات الناس “تهيم لوحدها في الشارع”، بينما اختفى السياسيون والأحزاب والمثقفون والنخب عن المشهد، مجذرا من خطورة ترك الساحة لـ “من هب ودب” ليصدروا آراءهم في القضايا الكبرى، ومن انعزال الحكومة والسياسيين، ما قد يؤدي إلى “انزلاقات” وظهور “زعامات وهمية” تقود الوطن في اتجاه غير محمود العواقب.
وشدد وهبي على أن “الفراغ السياسي” بات يتحكم في تفاصيل الحياة، وأنه من غير المقبول بعد 60 عاما من الاستقلال أن يستمر هذا الوضع، مع العجز عن صناعة سياسيين حقيقيين وتحويل الموظفين إلى قيادات.
ودعا وهبي إلى ظهور “رجالات دولة” يصنعون التاريخ بالمواقف والفكر والقدرة على التحليل وإبداع الحلول، مؤكدا أن السياسي الناجح يجب أن يتسم بالذكاء والجرأة والشجاعة والكرم والصدق، متسائلا عن سبب انعدام القيادات السياسية في هذا الزمن، وعن مسؤولية تهميش الأحزاب لصالح التقنوقراط وهيمنة التفكير المحاسباتي الضيق على الفكر السياسي.
وختم وهبي مقاله بالتأكيد على ضرورة وجود “رجالات ونساء” يتسمون بالذكاء والشجاعة والنزاهة لحماية الوطن، محذرا من هيمنة “الرعاع أو الفراغ” على القرار السياسي، مطالبا بتحديد المسؤول عن هذا الوضع.