الثلاثاء, مارس 4, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيحوارات ثقافية. إعتماد سلام تحاور الروائي المغربي محمد برادة

حوارات ثقافية. إعتماد سلام تحاور الروائي المغربي محمد برادة


من حواري فاس مرت طفولة محمد برادة، قبل أن يجلس في مدارج جامعة القاهرة في مصر، وهو وطالب، فالعودة إلى الرباط كاتبا وروائيا أثرى الخزانة المغربية والعربية بالعديد من الأعمال الأدبية.

تقديم – محمد سليكي 

في هذا الحوار تستضيف الزميلة إعتماد سلام في برنامجها الثقافي الناجح على إذاعة ميدي 1 الكاتب والروائي المغربي، محمد برادة. 

حوار يعيد إكتشاف العديد من المحطات في نشأة وتطور الروائي محمد برادة. 

من حواري فاس مرت طفولة محمد برادة، إلى مدارج جامعة القاهرة في مصر ، وهو وطالب فالعودة إلى الرباط كاتبا وروائيا أثرى الخزانة المغربية والعربية بالعديد من الأعمال الأدبية.

أعمال منها من إعتمد في المقررات الدراسية تسعينات القرن الماضي، في أقسام الثانية ثانوية، والأمر يتعلق برواية لعبة النسيان.

إليكم نص الحوار 

حوار -اعتماد سلام 

س: لنعد إلى مرحلة ما قبل التحاقك بمدرسة الحركة الوطنية، الطفل الصغير حينها كيف اكتشف الكتاب وتعرف عليه الأول مرة؟

ج: في الحقيقة اكتشفت الكتاب عندما كنت في فاس، حيث أمضيت الطفولة الأولى هناك وكنت أدرس في الكُتاب “المسيد”، ولكن سرعان ما تحول المسيد إلى مدرسة، لأن الحركة الوطنية كانت تفتح مدارس لمقاومة الفرنسة ولجعل التعليم يعتمد أساسا على اللغة العربية. وفي تلك المدرسة بدأنا نكتشف نصوصا، يعني محفوظات القراءات الجزئية، ولكن عندما انتقلت إلى الرباط وعمري ربما تسع أو ثماني سنوات، هناك في المدرسة المحمدية بدأت علاقتي بالكتاب لأن الأساتذة كانوا يؤسسون ما يمكن أن نسميه مكتبة داخلية ويسمحون لنا بأن نأخذ الكتب لنقرأها، وأحيانا نقوم بعرض حول بعضها، فاكتشفنا حينها قصص كامل الكيلاني في مصر وبعدها سيد أبو حديد، ومعظمها كانت تأتي من المشرق لأن برامج المدارس الحرة في عهد الحماية كانت تعتمد على المشرق العربي.

س: لاحقا ستكون لك حكاية طويلة مع المشرق ومع الإصدارات المشرقية وسنعود إلى ذلك. لكن خلال مرحلة الدراسة في المكتبة الوطنية ما هي الكتب التي كانت الأكثر تأثيرا بالنسبة لك؟

ج: الكتب الأولى هي كتب كامل الكيلاني كتب سيد أبو حديد.. كتب متعددة، ولكن بدأت العلاقة تنمو وتترسخ عندما دخلنا المرحلة الأولى من التعليم الثانوي في مدارس محمد الخامس، هناك اكتشفنا كتبا متباينة ومختلفة، اكتشفت مثلا ولاشك أن جيلي أيضا اكتشف نفس الشيء، كتب مصطفى لطفي المنفلوطي. إنه ظاهرة فعلا، ونحن كنا نعتقد أنه كان يترجم عن اللغة الفرنسية وهو في الواقع لم يكن يعرف اللغة الفرنسية، ولكن كان بعض أصدقائه يحكون له عن روايات فرنسية فيعيد صياغتها ببلاغة وبفصاحة وبقاموس منتقى. وهذه القراءات دفعتنا عندئذ لنتنافس كي تكون أوراق الإنشاء التي نكتبها متميزة بلغتها.

س: الملاحظ أنه رغم الاستعمار كانت هذه الإصدارات متوفرة وتصل بشكل منتظم إلى المغرب؟

نعم وهذا شيء غريب فعلا، في المكتبة العامة مثلا كنا نجد كل المجلات والكتب وهذا ما سهل مأمورية التعريب لاحقا. اكتشفنا المنفلوطي بهذا الشكل وفي نفس الوقت كان الأساتذة يثيرون انتباهنا إلى جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وطه حسين وكتابه الأيام وأحيانا كنا نقرأ نصوصا لا نفهمها مثل نصوص عباس محمود العقاد. هذا الخليط كان في الحقيقة يثير فضولنا ويدفعنا إلى أن نتقاسم بيننا ما نقرأه، لنجعل مادة الإنشاء متميزة ولكي نحظى بقراءة ما نكتبه داخل الفصل.

س: كثير من الأسماء التي ذكرتها مصرية، وشاءت الظروف أن تنتقل إلى مصر لاستكمال دراستك عندما لتحقت بجامعة القاهرة، وبالتالي أتيحت لك الفرصة لتلتقي أسماء كبيرة في عالم الأدب والثقافة.

ج: نعم. في الحقيقة الفترة التي أمضيتها في مصر من 1955 إلى 1960 كانت فترة ازدهار وتشجيع للثقافة. يعني في عهد جمال عبد الناصر رغم ما يمكن أن يوجه إليه من انتقادات فيما بعد.. فإنه كان يشجع الثقافة والمسرح والموسيقى، فكانت هناك نهضة مفتوحة على كل الاتجاهات الثقافية بما فيها المسرح الطلائعي والسينما الطلائعية إلى آخره. و لذلك في الكلية كنا محظوظين أيضا لأن بعض الأسماء البارزة كانت تدرسنا، منها الدكتور عبد الحميد يونس والدكتورة سهير القلماوي وأيضا كان طه حسين يأتي مرة في الشهر ليحاضر حول النهضة الثقافية الحديثة في العالم العربي وفي مصر خاصة. كانت هذه العوامل فعلا تشدنا إلى الكتاب في تلك الفترة وكان الكتاب هو المادة الأساسية للتواصل الثقافي والعلمي والبحثي ولذلك فالعلاقة بالكتب لدي ولدى الجيل الذي أنتمي إليه ترسخت بقوة، وإلى الآن رغم أنني أحاول أن أتابع ما يجد في عالم الاختراعات الثقافية لكنني لا أستغني عن الكتاب.

س: من أيام القاهرة الأولى، ما هو الكتاب أوالكتب التي لازالت في مكتبتك إلى اليوم؟

ج: لا. لا أحتفظ بها في الحقيقة لأني تنقلت بين عدة أماكن. ولكني احتفظت ببعض المراجع، مثلا كان هناك كتاب نادر “محاضرات في النقد” لسهير القلماوي، سهير كانت حينئذ تمثل أسلوبا خاصا في التدريس، كان أسلوبها يعتمد على دفع الطلبة إلى التفكير وإلى المناقشة لم تكن تحب أن نعتمد على الذاكرة وعلى الحفظ، احتفظت أيضا بكتاب كنت أرجع إليه من حين لآخر لعبد الحميد يونس، يعني عرفته أستاذا لي في القاهرة ثم أصبح زميلا لي مدرسا في فاس لبضع سنوات. وكان يهتم بالأدب الشعبي ويحاول أن يعطيه أبعادا بعيدة متصلة بالثقافة في عمومها وبالثقافة الشعبية خاصة.. ولكن كنت أحتفظ بالأخص بروايات نجيب محفوظ. 

خلال إقامتي مع الأصدقاء في القاهرة كان نجيب محفوظ في حالة صعود خاصة وكان طه حسين قد كتب عنه مقالا أظن سنة 1957 في صحيفة الجمهورية حول الثلاثية تحديدا، فأصبح نجيب محفوظ نجما متألقا وأصبحنا ننتظر ما سيكتبه كل سنة.. مثلا عندما نشر “ثرثرة فوق النيل” كانت رواية فعلا فيها نقد عميق لما يسمى بالاتحاد الاشتراكي عندهم ولما يسمى أيضا بالنظام الاشتراكي الناصري، وفي هذا الصدد كان نجيب محفوظ رغم علاقته الطيبة بالدولة، كان مع ذلك يستطيع أن يمرر ما يريد عبر شكل فني مقبول، إلى حد أنه عندما كتب “أولاد حارتنا” وهي رواية كانت جريئة واستعملت الرموز الدينية لتجعلها في صراع فوق الأرض وأثارت غضب علماء الأزهر وغضب المحافظين وأوقفت عن  النشر، فاضطر إلى نشرها كاملة عن دار الآداب في بيروت. 

هذه الكتب كانت تقترن عندي بلحظات مميزة من تطور الإبداع الفني، إبداع الرواية والشعر والقصة والمسرح، وترتبط عندي أيضا بالإشكاليات التي كانت تطرح حسب المراحل.. مرحلة القومية العربية، مرحلة الاشتراكية، مرحلة العودة إلى الليبيرالية والاتفتاح إلى آخره.. فكانت مصر فعلا من هذه الزاوية يوجد فيها مجموعة من الكتاب خاصة ما يسمى في التصنيف بجيل الستينيات، يعني صنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وعبد الحكيم قاسم وسعيد الكفراوي إلى آخره، وكانوا أيضا يشكلون مرحلة أخرى من الإبداع الأدبي ومن الإبداع الفكري كذلك.

س: بما أنك أستاذ محمد برادة تحدثت عن الراحل نجيب محفوظ. طبعا أنت التقيته خلال وجودك في القاهرة، وقرأت لك ما كتبته عن لقاءين معه، أحدهما كان في مقهى علي بابا أو مقهى جروبي وقد كتبت عنه في “محكيات”.

ج: نعم، في هذا اللقاء ذهبت لأجري معه حوارا لمجلة الدراسات الفلسطينية باللغة الفرنسية، كلفوني بأن أجري معه حوارا عقب نيله جائزة نوبل وكانت له عادات لا يتخلى عنها. يستيقظ باكرا ويذهب راجلا من حي العجوزة إلى ميدان التحرير وفي مقهى علي بابا كان يشرب قهوته ويستريح قليلا قبل أن يتابع مسيرته إلى وزارة الأوقاف. وأنا عندما اتصلت به أعطاني موعدا في هذا المقهى، فذهبت فعلا باكرا إلى هناك، أظن في السابعة والنصف صباحا، وكان حوارا مضيئا نشرته بالفرنسية في تلك المجلة.

س: جمعتك أيضا صداقات بأسماء عديدة مع أسماء من هذا الجيل؟

ج: نعم. من هذا الجيل الأول كنت على علاقة صداقة بالناقد الكبير محمود أمين العالم ثم بالكاتب الصديق المبدع إدوارد خراط صاحب راما والتنين، كان لي أصدقاء كثر تعرفت على بعضهم عندما كنت طالبا ولكن بعد ذلك عندما أصبحت ضمن المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب وعزمنا على تنظيم أول لقاء للرواية العربية في مدينة فاس سنة 1979 قمت بسفريات للاتصال ببعض الكتاب واستدعائهم وكان هذا اللقاء مميزا وربط علاقات صداقة متينة بين الكتاب المغاربة الشباب آنذاك وبين هؤلاء، وهذه الصداقات استمرت وكلما زرت مصر كانت لي لقاءات معهم.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات