أوضحت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن “حملة القمع ضد الأصوات المعارضة في المغرب قد بلغت مستوى جديدا”، مستشهدة باعتقال أربعة أفراد من عائلة اليوتيوبر هشام جيراندو في أوائل مارس. وذكرت الصحيفة أن جيراندو، المقيم في كندا، ينشط على وسائل التواصل الاجتماعي لكشف ما يسميه “الفساد” في أوساط شخصيات بارزة ومسؤولين كبار في المملكة.
وأشارت الصحيفة الباريسية أن “السلطات المغربية اعتادت ممارسة ضغوط على محيط المعارضين، لكنها لم تلجأ سابقا إلى اعتقال أفراد عائلة كاملة دفعة واحدة”. ووفقا لـ لوموند، فقد قامت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء بتوقيف شقيقة هشام جيراندو، وزوجها، وابن شقيقه، وابنة شقيقته، البالغة من العمر 13 عاما والمصابة بمرض نادر. وأضافت الصحيفة أن النيابة العامة وصفت جيراندو بأنه “المشتبه الرئيسي الفار إلى الخارج.”
وأبرزت أن هذه الاعتقالات جاءت في سياق أوسع يتسم بانتهاكات متعددة للحريات الفردية. وأشارت لوموند إلى الحكم الصادر في 3 مارس بالسجن ستة أشهر بحق الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني، على خلفية ما اعتبرته السلطات “نشر مزاعم كاذبة”. وأوضحت الصحيفة أن عبد المومني، الذي شغل منصب الكاتب العام لمنظمة ترانسبرانسي المغرب، واجه المحاكمة بسبب منشور له على فيسبوك خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب عام 2024.
وكشفت لوموند أن تصعيد القمع يشمل أيضا أحكاما قضائية صارمة، مثل تلك الصادرة ضد سعيد آيت مهدي، رئيس تنسيقية متضرري زلزال الحوز، والذي رُفعت عقوبته من ثلاثة أشهر إلى عام كامل من السجن النافذ، بسبب انتقاده بطء عمليات إعادة الإعمار بعد كارثة 2023. وأبرزت الصحيفة أن هذا الحكم، إلى جانب إدانات أخرى بحق نشطاء، يعكس نهجا متزايدا في إسكات الأصوات المعارضة داخل البلاد.
وأكدت الصحيفة الفرنسية أن هذا النهج الجديد يتماشى مع ما وثقته منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها لعام 2022 حول أساليب السلطات المغربية في قمع المعارضين. ونقلت الصحيفة عن أحمد بنشمسي، المتحدث باسم المنظمة، قوله إن “السلطات لم تعد تلجأ إلى قضايا أخلاقية أو فساد مالي لتشويه سمعة المعارضين، بل باتت تستهدفهم مباشرة بسبب مواقفهم السياسية.”
وأشارت “لوموند” إلى أن القمع لا يقتصر على المعارضين السياسيين، بل يمتد ليشمل المحتجين على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. ونقلت الصحيفة عن المؤرخ المعارض معطي منجب قوله “إن الغضب الشعبي، لا سيما بسبب ارتفاع الأسعار وتفاقم البطالة، يشكل أحد الأسباب الرئيسية لتشديد القيود على حرية التعبير.”
وسلط المقال الضوء على استمرار احتجاز عدد من النشطاء الحقوقيين، مثل وزير حقوق الإنسان السابق محمد زيان، على الرغم من العفو الملكي الذي شمل بعض الصحفيين البارزين مثل عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين. ووفقا للصحيفة، فإن هذه الإفراجات لم تغير من واقع القمع، حيث لا يزال العديد من المعارضين يواجهون تقييدات شديدة، مثل منعهم من السفر أو مصادرة ممتلكاتهم.
وفي سياق آخر، كشفت لوموند أن الرباط باتت تتخذ موقفا أكثر صرامة تجاه الأصوات المعارضة لاتفاق التطبيع مع إسرائيل. وأوضحت أن السلطات تراقب عن كثب التظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية، مشيرة إلى اعتقال الناشط محمد بوستاتي بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد التطبيع.
وخلصت الصحيفة إلى أن تصعيد القمع في المغرب يأتي في ظل ظرف سياسي متغير، حيث تعززت سيطرة الأحزاب الموالية للسلطة بعد انتخابات 2021، ما أدى إلى تراجع الأصوات المعارضة داخل المؤسسات الرسمية، وأدى إلى ما وصفه معطي منجب بأنه “أضعف برلمان مغربي منذ الاستقلال”.