شدد محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام ، على ان فوز رئيس الحكومة عزيز أخنوش بصفقة محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء عبر إحدى شركاته، ممارسة لا علاقة لها بالمساواة بين المتنافسين في الولوج إلى الصفقات العمومية، بل هي تجسيد فج لزواج السلطة بالمال، واستغلال واضح لمواقع الامتياز والسلطة.
ولفت الغلوسي في تدوينة له إلى أن القضاء يعزل مستشارين جماعيين ورؤساء جماعات بسبب تضارب المصالح، والحال أن رئيس الإدارة يمارس شكلا فاضحا لتنازع المصالح، مؤكدا أنه لو كنا في دولة الحق والقانون لما استطاع رئيس الحكومة او أي وزير آخر أن يستغل موقعه الوظيفي لخدمة مصالحه بشكل مباشر او غير مباشر، وشدد “رئيس الحكومة خرج ومن داخل قبة البرلمان ليدافع عن أحقية شركته في المشاركة ونيل الصفقة المذكورة، لأنه لاشيء يمنعها من ذلك، أكيد أن الجميع سواسية أمام القانون أشخاصا ذاتيين ومعنويين، ولكن تلك المساواة لا يمكن أن تتحقق إذا كان الشخص هو المسؤول عن الإدارة وهو رئيسها وهو نفسه الذي يحتل مواقع الامتياز والسلطة، وهو نفسه الذي يتوفر على إمكانية وسلطة التشريع (حكومة ،برلمان)”.
وذكر الغلوسي بأن أخنوش لم يبادر إلى إخراج القانون الذي يجرم تنازع المصالح انسجاما مع الفصل 36 من الدستور، وهو الفصل نفسه الذي يفرض على السلطات العمومية وضمنها طبعا الحكومة ورئيسها الوقاية من كل أشكال الإنحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، والزجر عن هذه الإنحرافات.
وتساءل رئيس جمعية حماية المال العام “إذا لم تكن الحكومة ورئيسها هو المعني بخطاب الفصل 36 من الدستور فمن هي الجهات المعنية؟”.
وتوقف الغلوسي على مقتضيات الفصل 36 من الدستور، وعلى الفصل 245 من القانون الجنائي والذي يبقى غير بعيد عن حالة صفقة تحلية مياه البحر، فحسب هذا الفصل فإن “كل موظف عمومي أخذ أو تلقى اية فائدة في عقد او دلالة أو مؤسسة أو استغلال مباشر يتولى إدارته أو الإشراف عليه، كليا أو جزئيا، أثناء ارتكابه الفعل، سواء قام بذلك صراحة أو بعمل صوري أو بواسطة غيره، يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مائة الف درهم…”.
وأشار رئيس جمعية حماية المال العام إلى أن هذه القضية تفرض على النخبة السياسية وكافة المهتمين فتح نقاش عمومي مسؤول حول إشكالية تنازع المصالح باستغلال مواقع الامتياز والمسؤولية العمومية وطرح كافة الأسئلة المرتبطة بأهمية تخليق الحياة العامة وتعزيز حكم القانون، فالصفقة التي فاز بها رئيس الحكومة تطرح نقاشا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا منطلقه الفصل 36 من الدستور ومقتضيات الفصل 245 من القانون الجنائي، فضلا عن ميثاق الأخلاقيات التي دعا الملك البرلمان إلى سنه.
وقارن الغلوسي بين ما يجري في المغرب وما يحدث في دول أخرى؛ فوزيرة في السويد استعملت بطاقة بنزين حكومية، فقامت القيامة وقدمت استقالتها، لكن في المغرب لا توجد حدود بين ممارسة السلطة وامتيازاتها والمصالح الذاتية”.
من جهتها قالت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار الديمقراطي إنه بعد المحروقات والغاز والأوكسيجين جاء الدور على قطاع الماء ليستولي عليه عزيز اخنوش رئيس الحكومة، في تضارب مصالح صارخ وواضح، وأكدت التامني أنه من غير المعقول أن تنافس مجموعة يملكها رئيس الحكومة على صفقة كبيرة بالشفافية والوضوح المفترضين، وتفوز بصفقة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء سطات، وتستغلها لمدة 30 سنة.
وأعادت التامني في سياق الجدل الدائر حول الصفقة ودفاع رئيس الحكومة عنها، نشر السؤال الذي وجهته إلى أخنوش بعد فوز شركته بصفقة التحلية بقيمة تبلغ 15 مليار درهم.
وشددت على أن شركتي “أفريقيا غاز” و”غرين أوف أفريكا” المملوكتان لرئيس الحكومة ليست لديهما خبر واسعة في مجال تحلية المياه، لكنها فازتا إلى جانب شركة “أكسيونا” بالصفقة الضخمة.
وتساءلت التامني كيف يمكن لرئيس الحكومة أن يتعاقد بشكل ضمني مع وزارة التجهيز والماء ليكون المستفيد المباشر، وخاصة أن عدد من الشركات انسحبت من التنافس على الصفقة.
واعتبرت أن الأمر يتعلق بتضارب واضح وصريح على المصالح باعتبار أن الفائز بالصفقة هو مسؤول أول بالحكومة المغربية، وبذلك فهو “حكم” وليس منافسا.
و قال عبد الله بوانو القيادي في حزب العدالة والتنمية ورئيس مجموعته النيابية إن عزيز أخنوش أصدر كلاما لا يليق برئيس الحكومة أهان فيه نائبة برلمانية، عندما استحضر والده وتوجه لها بالقول “يبدو أنك لا تعرفين من يكون أحمد أولحاج؟”.
وأكد بوانو في الندوة التي عقدها “البيجيدي”، حول “تنازع المصالح في صفقة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء سطات” أنه من حيث الشكل لا يليق برئيس الحكومة أن يستحضر والده أو غيره في مؤسسة تشريعية وخلال جلسة دستورية، وأضاف ” نحن نحترم الموتى ولكن قل ها أنا ذا ولا تذكر أباك، أباك الله ارحمو، ولكن نحن نسألك عن علاقتك بسي أمهال وسوميبي ودور ادريس البصري وآخرين ومن أين اكتسبت هذه الثروة”.
واتهم بوانو أخنوش بتضارب المصالح بشكل واضح، بعدما دافع بالبرلمان على نيل شركته لصفقة تحلية مياه الدار البيضاء، لافتا أن رؤساء حكومات عدد كبير من الدول استقالوا بسبب وجود شبهة فقط لتضارب المصالحوتابع ” الناس تعيش البطالة وأزمات كبيرة، وواحد يستغل منصبه لينمي ثرواته، فلما يكون رئيس حكومة مسؤولا في موقع ويستغله كيف سيأتي المستثمر الخارجي؟ وكيف سيثق الناس؟”.
وشدد بوانو على أن تضارب المصالح في صفقة محطة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء سطات تتجلى في عدة حقائق، وهي ملكية رئيس الحكومة لشركة أفريكا كاز وشركة كرين أوف أفريكا الفائزتين في الصفقة، بالإضافة إلى إشراف وزيرة في الحكومة وهي عضو المكتب السياسي لحزب رئيس الحكومة على لجنة الحوار التنافسي التي حسمت في الشركات المتأهلة للنيل بالصفقة، فضلا عن ترأس رئيس الحكومة للجنة الاتفاقيات التي تهم مشروع المحطة.