يعدّ مسجد الأمير مولاي رشيد الأقدم في مدينة الرشيدية ومعلمة وضاءة في المنطقة، التي تعرف بإقبال سكانها على المساجد وإعمارها. فوسط هذه المدينة الواقعة في الجنوب الشرقي للمغرب.
أعدها للنشر- عبد المراكشيle12
اشتهر المغرب بكونه يتوفر على عدد كبير جدا من المساجد، حتى لَتجد من ينتقذون هذه الوفرة “الملحوظة” لـ”بيوت الله” على حساب مرافق حيوية أخرى ضرورية لحياة المواطن البسيط، مثل المدارس والمستشفيات والمصانع.
بناء على هذه المعطيات لا تكاد تخلو أية قرية نائية أو مدشر موغل في أعماق “المغرب غير النافع” من مساجدَ يُذكر فيها اسم الله، فما بالك بمُدن المركز وباقي الحواضر الكبرى في بلاد الـ مسجد.
سنأخذكم، من خلال هذه الفسحة الرمضانية “حكاية مسجد” في جولات عللا بساط من كلمات خطّتها أقلام مغربية مختلفة عن أشهر مساجد المغرب وجوامعه.
يعدّ مسجد الأمير مولاي رشيد الأقدم في مدينة الرشيدية ومعلمة وضاءة في المنطقة، التي تعرف بإقبال سكانها على المساجد وإعمارها. فوسط هذه المدينة الواقعة في الجنوب الشرقي للمغرب يوجد مسجد الأمير مولاي رشيد، الذي يشهد على تعلق الساكنة المحلية بالقيم الدينية واهتمامهم بالمساجد وبنائها والعناية بها.
ويواصل هذا المسجد، الذي تم بناه الفرنسيون المقيمون بالرشيدية في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، استقطاب أعداد غفيرة من المصلين، سواء في شهر رمضان أو طيلة فترات السنة.
ويعكس الإقبال على الصلاة في هذا المسجد الجامع (الذي تبلغ مساحته 700 متر مربع ويضم قاعة للرجال -624 متر مربع- وأخرى للنساء (40 متر مربع) الترابط المتين بين سكان المنطقة الذين يحجّون إليه لإبراز تشبثهم بدينهم وبالقيم التي تجمعهم، لا سيما أنه يرمز إلى الوحدة الإنسانية التي جمعت بينهم إبان فترة الحماية، إذ شكل منارة للالتقاء في مكان يحتضنهم ويعبر عن مشتركهم الديني.
ولما كان لهذا المسجد، دور اجتماعي وإنساني وديني، فقد عملت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على إعادة بنائه في 1979 حتى يواصل أداء دوره الديني كاملا.
ولا يزال سكان المنطقة يتذكرون بكثير من الانبهار كيف أن أساسات المسجد، الذي يضم صومعة بطول 24 مترا وعددا من المرافق الصحية، ظلت صامدة منذ وضع الحجر الأساس لبنائه، خاصة أنه تم الاعتماد في البداية على الحجر والجير من أجل تشييده ليكون قبلة للمصلين الذين لم يكونوا يتوفرون في تلك الفترة على مكان للعبادة.
ويستوعب هذا الصرح الديني عددا إجماليا من المصلين يبلغ ما يناهز 900 مُصلّ ومصلية، ويحتضن أنشطة دينية وعلمية تتعلق بتأطير الأئمة في إطار خطة ميثاق العلماء، ودروس الوعظ والارشاد.
وصرّح محمد وحيدي، رئيس المجلس العلمي المحلي للرشيدية، بأن هذا المسجد الجامع الفريد يعدّ أول مسجد في المجال الحضري للرشيدية التي كانت تسمى سابقا “قصر السوق”، مشدّدا على أنه تناوب على تقديم الدروس الدينية وإلقاء خطبة الجمعة فيه علماء أفذاذ، منهم الفقيه الجليل مولاي هاشم بالغالي، الذي قضى 12 سنة في القرويين.
واستحضر المتحدق ذاته الفترات التي كان يلقي فيها هذا العالم الجليل دروسه في مسجد الأمير مولاي رشيد بعد صلاة المغرب وقراءة القرآن، وكذا الإقبال الذي كانت تحظى به نصائحه وتوجيهاته في مجالات العبادات والأخلاق والمعاملات، مؤكدا أن هذا المسجد يضطلع بدور مُهمّ في المجال الديني في الرشيدية نظرا إلى وجوده وسط المدينة.
ويستمدّ هذا الصرح أهميته، وفق المصرّح نفسه، من بعده التاريخي وقربه من المجال الترابي، الذي كان بداية تشكل مدينة الرشيدية، لهذا أكد الزهيد علوي، أستاذ التاريخ في الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في فاس -مكناس، أن المساجد تحظى باهتمام كبير عند أهل تافيلالت، لعدة عوامل، منها رمزيتها الدينية والحضارية، ثم الوظائف المختلفة التي تؤديها.
ووضّح المتحدث نفسه أن دور المسجد لم يكن يقتصر عند أهل المنطقة على العبادة، بل كان يؤدي وظائف متعددة ترتبط بالمجالات العلمية والاجتماعية، “لذلك كان أهل المنطقة ينفقون أموالا كثيرة على بناء المساجد وتزيينها وترميمها وإعمارها”. وأشار إلى أن “سكان القصور كانوا يتحملون جميع نفقات المساجد”، مبرزا أن هذا الاهتمام لم يتوقف على الرغم من التغيرات التي طرأت على النظام الاجتماعي.
يشار أنه عدد المساجد التابعة للمجلس العلمي المحلي بالرشيدية يبلغ نحو 621 مسجدا، تلقى فيها الدروس الدينية وتحتضن أنشطة مكثفة خلال شهر رمضان من أجل توعية المصلين بقضاياهم الدينية والدنيوية.