لم يتوقف السجال والجدل حول مشروع قانون الإضراب الذي لا يزال ضمن مسطرة المصادقة بالبرلمان.
بعد النقابات، استلم البرلمان والبرلمانيون مهمة الضغط على حكومة أخنوش، بخصوص مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
وفي الوقت الذي يرى كل الفاعلين أن هذا المشروع سيكون خطوة محورية في تنظيم الحق الدستوري في ممارسة الإضراب، إلا أنه يواجه معارضة شديدة من قبل القوى النقابية وأعضاء من المعارضة، وعلى رأسهم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب.
أبرز الانتقادات
واتهم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب الحكومة بإثقال مشروع الإضراب بالعقوبات الجنائية وتغليب الطابع الزجري على الطابع التشريعي.
ويبرز هذا الموقف من خلال انتقاد تخصيص 12 مادة للعقوبات السالبة للحرية والغرامات، حيث وصفها الفريق بـ”القاسية” و”غير المنسجمة” مع فلسفة حماية الحق الدستوري للإضراب.
ودعا إلى معالجة القضايا التأديبية في إطار اتفاقات جماعية بدلاً من العقوبات الجنائية.
غياب المبدأ والإطار
وطالب الفريق الاشتراكي بإدراج ديباجة للمشروع، معتبرًا أن النص الحالي يفتقر إلى توضيح الأسس والمبادئ التي يستند إليها.
وأشار إلى أن تضمين الديباجة يعكس الطبيعة المجتمعية لهذا القانون وأهمية التوافق حوله.
كما أوصى بالاستناد إلى الفصل 29 من الدستور بشكل أوسع لضمان استيعاب كافة جوانب حق الإضراب كحق أساسي.
الإضراب السياسي بين التحديد والمنع
وأثار المشروع جدلاً حول المادة التي تمنع الإضراب لأسباب سياسية دون تحديد دقيق لهذا المفهوم.
وذكّر الفريق الاشتراكي بأهمية السياق التاريخي، مشيرًا إلى الإضرابات السياسية في حقبة الاستقلال، والتي كانت محورية في نضال المغرب ضد الاستعمار.
وتساءل الفريق الاشتراكي عن كيفية التمييز بين المطالب السياسية والاقتصادية، وهو ما يجعل النص الحالي غامضًا وغير عملي.
جدل المدة وآليات التنفيذ
وانتقد الاتحاديون بمجلس النواب تحديد مدة الإشعار للإضراب بـ30 يومًا في القطاع الخاص، معتبراً ذلك مبالغاً فيه وغير متماشي مع مدونة الشغل التي تنص على آليات تسوية النزاعات الجماعية.
واقترح المصدر تقليص المدة إلى ثلاثة أيام فقط، على أن يُعتبر نشر البلاغ المتضمن للدعوة إلى الإضراب بمثابة إشعار رسمي.
موقف النقابات ودور التشاور
ولا تزال التنظيمات النقابية ترفض تجاوز الحكومة لآليات التفاوض بشأن المشروع المثير للجدل.
وتؤكد النقابات أن القانون ينبغي أن يعكس مصالح الطبقة العاملة وألا يُستخدم كأداة لتقييد حقهم في الدفاع عن مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية.
موعد حاسم في البرلمان
ومن المقرر أن تصوت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب على مشروع القانون غذا، وسط ترقب كبير من مختلف الأطراف.
وسيحدد هذا التصويت ملامح مستقبل الإضراب في المغرب، بين ضمان الحريات النقابية وفرض قيود تُثير مخاوف بشأن حماية الحقوق الأساسية.
ويظل الجدل مستمرًا حول ما إذا كان هذا المشروع سيحقق التوازن المنشود بين تنظيم ممارسة الإضراب وحماية حقوق الطبقة العاملة أم أنه سيشكل قيدًا إضافيًا على الحريات النقابية.