Site icon الشامل المغربي

حقوقيون يرفضون الدعوة إلى ترحيل المهاجرين غير النظاميين من المغرب

migrants-subsahariens-oujda.jpg



رفض حقوقيون وباحثون في قضايا الهجرة دعوات “الترحيل الجماعي” للمهاجرين غير النظاميين الموجودين على أراضي المملكة المغربية؛ التي ارتفعت الأصوات الداعية لها والمتفاعلة معها بالإيجاب على مواقع التواصل الاجتماعي، أساسا، بعد أيام من أفعال الشغب التي ارتكبها بعض مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء بمدينة القليعة التابعة لعمالة إنزكان آيت ملول.

وسرد نشطاء على “فيسبوك” دواعي تبني هذه الدعوات ، مستحضرين في هذا الصدد عمليات إعادة الانتشار لتجمعات المهاجرين بمحيط محطة أولاد زيان بالدار البيضاء، بعد كل عملية إخلاء تنفذها السلطات، وكذا “أحداث شغب يتسبب فيها مهاجرون في أحياء مغربية”، مشددين على “ضرورة تحرك المغرب لتغيير سياسته في التعامل مع هؤلاء المهاجرين، قبل أن يواجه مشاكل “تغيرات ديموغرافية كبيرة””، وفق تعابيرهم المتطابقة.

وهذه الدعوات كانت قد سبقتها أخرى مماثلة خلال شهر مارس 2023، تزامنا مع صدور استطلاع للمركز المغربي للمواطنة والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان كشف “اعتقاد نحو 86 في المائة من المشاركين بأن تزايد عدد المهاجرين سيصبح إشكالية يعاني منها المغرب مستقبلا؛ فيما رفض 87 في المائة منهم أن تكون المملكة بلد استقبال للمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء”.

“التزامات حقوقية”

عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، أكد أن “المغرب لن يقدم على ترحيل المهاجرين غير النظاميين؛ فهو لديه التزامات حقوقية دولية تؤطر تعامله مع قضايا المهاجرين، خاصة المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء”، مردفا أن المملكة “قطعت أشواطا مهمة في تنفيذ هذه الالتزامات، إذ فتحت لهؤلاء باب تسوية وضعيتهم القانونية وسهلت لهم الولوج إلى سوق الشغل ولأطفالهم التمدرس”.

ومن زاوية نظر حقوقية، أضاف تشكيطو، في تصريح لهسبريس، أن “الدعوة للترحيل الجماعي بحجة تفادي الاستبدال الكبير تصريحات عنصرية ولا تعبر عن سلوكات وأخلاق عامة المغاربة في تعاطيهم مع المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء”، لافتا إلى أن “هذا المد العنصري ليس بجديد؛ فقد نبهت العصبة، منذ سنوات، إلى خطورة الخطاب التحريضي ضد هذه الفئة”، مشددا على أن “المفروض أن تقوم السلطات المختصة بالمتعين من أجل محاصرته وتقليص عدد متبنيه، من خلال التوعية والتنبيه إلى خطورته”.

وتابع رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان: “خلال السنة الماضية، أعددنا، بتنسيق مع المركز المغربي للمواطنة، دراسة استطلاعية في الموضوع، فوجدنا أن الشباب ما بين 18 و35 سنة هم أكثر فئة لا تقبل الأجانب على التراب المغربي، وتحديدا الأفارقة جنوب الصحراء”، مؤكدا أن “هذا مؤشر خطير يجب أن تتفاعل معه الدولة بشكل إيجابي واستباقي؛ حتى لا نصبح أمام مجتمع حامل لقيم الكراهية والحقد خلافا لمعدنه الأصيل”.

وبخصوص استحضار صدور حالات شغب من قبل بعض الأفارقة على غرار ما وقع بالقليعة، أكد تشيكيطو أن “المغرب به مئات الآلاف من المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء، قلة قليلة منهم من تصدر عنهم سلوكيات عنيفة أو منحرفة؛ وفي غالب الأحيان تكون ردة فعل”، مشيرا إلى أن “هذه الحالات قليلة جدا، مقارنة بتلك التي ترتكب من طرف الأجانب في دول أوروبا”، وداعيا إلى “عدم استثمارها في تسجيل مواقف غير حقوقية”.

“دعوات غير مقبولة”

أكد عبد الفتاح الزين، منسق الشبكة الإفريقية للهجرة والتنمية، أن “ترحيل أو طرد أي مهاجر هو أمر ترفضه الشبكة ولا تتمناه”، مبرزا أنه “يتعين على الذين يبررون مثل هذه الدعوات ببعض السلوكيات الصادرة عن المهاجرين التفريق بين المهاجرين كأشخاص نعتبرهم إن كان غير نظاميين في وضعية نزاع مع القانون وبين مرتكبي الفوضى”.

وأوضح الزين، في تصريح لهسبريس، أن “أي مهاجر في وضعية غير قانونية كان أم في وضعية نظامية، سرق أو نفذ اعتداء أو أخل بالنظام العام، يجب بطبيعة الحال معاقبته؛ ولكن حينئذ يتعين شروط المحاكمة العادلة له والمنصفة؛ ثم إذا أدين يجب أن يقضي عقوبته الحبسية دون المس بكرامته”، داعيا إلى “الانتباه لما قد يطرحه الحديث عن ترحيل المهاجرين من إشكالات حقوقية وإنسانية”.

وأشار منسق الشبكة الإفريقية للهجرة والتنمية إلى أن “الأساس في مقاربة إشكاليات الهجرة بالمغرب هو استمرار الأخير في مقاربته الناجعة إلى حدود الساعة، والتي كانت أثمرت تسوية وضعيات مئات المهاجرين وتسمية الملك رائدا إفريقيا للهجرة”، رافضا “محاربة الهجرة غير نظامية؛ فهي وضعية اجتماعية يجب أن تتم مرافقتها ومواكبتها، على أساس احترام بنود الدستور المؤطرة لرؤية المغرب لقضية الهجرة”.

وأوضح الباحث عينه، في الصدد ذاته، أن “القانون رقم 03.02 المؤطر لدخول وإقامة الأجانب وللهجرة غير النظامية يجب أن يتلاءم مع قانون الاتجار بالبشر من أجل توفير حماية أكبر للمهاجرين من السقوط ضحايا الاتجار بالبشر والتهريب”، مؤكدا من جهة أخرى “ضرورة تحمل الدول الإفريقية بدورها لمسؤوليتها في الموضوع؛ تنزيلا لمقاربة المسؤولية الثلاثية لدول الانطلاق والعبور والمقصد، التي يدعو المغرب إلى إعمالها، مع تفعيل الأجندة الإفريقية للهجرة”.

ولفت الباحث عينه إلى ضرورة أن “يكون المجتمع المدني فاعلا في مقاربة الهجرة غير النظامية بطريقة تتلاءم مع حقوق الإنسان وتضمن الحفاظ على صورة المغرب في هذا الصدد”، معتبرا أنه “من غير المقبول أن البعض يقول إن دول المغرب العربي بها أسواق نخاسة للمهاجرين، بينما هي موجودة فقط بالجزائر وتونس وليبيا دون أن تحرك المجتمع المدني المغربي”.

وانتقد الزين في السياق ذاته “سياسة انتقاء الملفات السهلة في ميدان الهجرة، في الوقت الذي تتواتر قرارات الصادرة في الجزائر بحق المغاربة.. وثمة دعوات رائجة بقوة في هذا البلد من أجل طردهم وتلفيق التهم لهم بالتجسس والتخابر، مثلما أن ذوي حقوق المطرودين سنة 1975 من هذا البلد لم يستفيدوا من التعويضات موضوع التوصيات الدولية؛ ومرة أخرى دون أن يقوم المجتمع المدني بأي ضغط”.



Source link

Exit mobile version