الدار/ تحليل
في مشهد سياسي واجتماعي يتسم بالتوتر والغليان، يستعد الشعب الجزائري للخروج في مظاهرات حاشدة يوم فاتح يناير 2025، حاملًا شعارات الغضب والرفض ضد النظام القائم. هذه الاحتجاجات المرتقبة تأتي تحت شعار “مانيش_راضي”، وهو الهاشتاغ الذي اكتسح مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة، ليصبح صوت الملايين من الجزائريين الذين يعبرون عن استيائهم من السياسات القمعية، الفساد المستشري، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
لم تكن الدعوة إلى مظاهرات فاتح يناير وليدة اللحظة، بل جاءت تتويجًا لتراكمات استمرت لسنوات. تفاقم الأزمة الاقتصادية في الجزائر، مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وضعف الخدمات العامة، أشعل فتيل الغضب الشعبي. أضف إلى ذلك، استمرار النظام الحاكم في قمع الأصوات المعارضة، وسجن النشطاء والصحفيين، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي.
يرى كثيرون أن النظام الجزائري قد فشل في تحقيق تطلعات الشعب، خاصة بعد الحراك الشعبي الذي انطلق عام 2019، والذي كان يهدف إلى تغيير حقيقي في بنية السلطة. ولكن بدلاً من الإصلاح، استمرت السلطة في التمسك بأساليبها القديمة، مما عمّق حالة الإحباط بين المواطنين.
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في حشد الجماهير لهذه المظاهرات. برز هاشتاغ #مانيش_راضي كأداة رئيسية لتوحيد أصوات الجزائريين، حيث عبّر من خلاله المواطنون عن رفضهم للواقع القائم. انتشرت على المنصات الرقمية صور ومقاطع فيديو تسلط الضوء على معاناة الشعب، من مستشفيات تفتقر إلى أبسط التجهيزات إلى طوابير لا تنتهي أمام مراكز توزيع المواد الأساسية.
اختيار فاتح يناير لتنظيم هذه المظاهرات لم يكن اعتباطيًا، بل يحمل رمزية عميقة. يمثل اليوم بداية عام جديد، وهو ما يراه المحتجون فرصة لإطلاق عهد جديد من الكفاح من أجل التغيير. كما يعكس تاريخ يناير إرثًا من النضال في الذاكرة الجزائرية، حيث ارتبط دائمًا بمطالب الحرية والكرامة.
مع اقتراب موعد فاتح يناير، يزداد الزخم الشعبي ويستمر النقاش حول مدى قدرة هذا الحراك على تحقيق تغيير فعلي. ورغم محاولات النظام لتجاهل الاحتجاجات أو التقليل من شأنها، إلا أن حجم الغضب الشعبي يجعل من الصعب تجاهل هذه الحركة المتنامية.
مظاهرات فاتح يناير 2025 ستكون محطة مفصلية في تاريخ الجزائر، إذ تعبر عن رفض شعبي واسع لنظام قمعي غير قادر على تلبية تطلعات شعبه. وسيظل هاشتاغ #مانيش_راضي رمزًا لهذا النضال، الذي يعكس إرادة الجزائريين في بناء مستقبل أفضل.