الجمعة, يناير 10, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيجوهر الشيء - العمق المغربي

جوهر الشيء – العمق المغربي



نستهل موضوع مقالنا هذا بقصة ربما نعتبرها عبرة يجب الأخذ والاستفادة منها وهي، أنه يحكى أن امرأة دخلت لمجلس مليء بكبار الفقهاء فسألتهم،” أرجوكم أن يخبرني أفقهكم بهذا المجلس، كيف يأكل وكيف ينام. فأجابها كبيرهم فقال عند الأكل أسمي الله وآكل بيميني وآكل مما يليني وأصغر اللقمة وأجيد المضغة اما عند النوم فإنني أتوضأ وأنام على جنبي الأيمن وأقرأ وردي من الأذكار. فقالت له السيدة باستحياء، أنا اسفة يا سيدي، أنت ﻻ تعرف كيف تأكل وﻻ تعرف كيف تنام، فسألها مستغرباً بسبب تقته الزائدة: إذًا كيف الأكل والنوم؟! فقالت: يا أخي يجب ان ﻻ تأكل حراماً وكل كيفما شئت، وﻻ تنام ظالماً لأحد أو حاقداً عليه فنم كيفما شئت، وما أخبرتني به هو أدب الشيء وظاهره، وما أخبرتك به، هو حقيقة الشيء وجوهره” ويقول الإمام الشافعي (نعيب زماننا والعيب فينا. وما لزماننا عيب سوانا) وبهذه القصة وهذا البيت يمكن القول أن العيب ليس في «مدونة الأسرة وأحكامها سواء القديمةاو الجديدة» هذان اللتان ننعتهما بين الفينة والأخرى بالتقصير، ونحمِّلهما مآسينا ونكباتنا ومصائبنا ومشاكلنا الأسرية، بل إن العيب في «البعض منا»، الذي يستخدمهما كحجة ليعلق عليهما كل عيوبه ومشاكله الأسرية التي يتخبط فيها.

فما سر جوهر العلاقة الزوجية والأسرية الناجحة، التي تجعلنا نشعر بالسعادة معظم الوقت، قادرين على تحمل كل مشقات الحياة؟ هل فعلا قانون مدونة الأسرة كفيل بإنجاح وإنصاف العلاقات الزوجية والأسرية ربما نعم؟ وما السبب في تقليد الثقافة السلبية التي أدت إلى التفكك الأسري وضياع الهوية وموت القيم بداخلنا، كما تسببت في انتشار نسب الطلاق والعزوف عنه ؟ وما الحكمة الإلهية في أن يكون الذَّكر والأنثى مختلفان ليقوم كلُّ جنسٍ منهما بالدَّور المنوط به، والذي يتناسب مع طبيعته وتكوينه؟ وما الحكمة من ذكر الله سبحانه وتعالى ووضع منزلة عقد الرجل والمرأة كميثاق الأنبياء والرسل مع الله في تبليغ الرسالة؟ ولماذا نكابر عند المشاعر والتعبير الصادق فيما بيننا؟ ولماذا لا نساند بعضنا البعض في أوقات الشدة والابتسامة على محيانا؟ وما سر انتشار الكبرياء والتكبر بين الأزواج وتأثيرهما على الأسرة؟

كلها تساؤلات قد تفرض علينا وواقعنا الحالي حتمية الجواب عليها وبشكل منطقي، ولما لا إيجاد مخرجات كفيلة لإنجاحها حتى تتناسب وواقع وثقافة وطبيعة تكويننا المجتمعي، وحتى تخول لنا المضي في حياتنا الأسرية بكل حب وثقة وتفاهم وبدون القاء العيب على مدونتنا وزماننا.

اولا نود وبكل صدق أن نحيّي ونكرّم بعض النساء والرجال اللذين حولوا مجتمعاتنا تحوّلاً جذريًّا من خلال دفاعهم وبكل نزاهة وشرف عن حقوقنا ومطالبتهم بالعادلة والموازنة بين الرجل والمرأة، حسب التربية، والتكوين الجيني للطرفين داخل المجتمع، وكذلك في نفس الوقت أود أن أعيب على البعض الأخر “سواء الرجل أو المرأة” اللذان يستغلان أطروحة المساواة والتعديل من أجل إشباع رغبتهما أو حبا في الانتقام من الطرف الأخر فقط لا غير، وبالتالي قد نجدهما يسيئان للمجتمع وثقافته.

وللحد من هذه الاكراهات، يجب علينا وبكل صدق أن نكون صريحين وصادقين عند مواجهة أنفسنا وذاتنا وبعضنا البعض، وذلك من خلال الجلوس والتحاور مع أنفسنا وبعضنا البعض، وتقبل خيارات قيادتنا التي دائما ما تسهر على مصالحنا ومستقبلنا وطرح نوع المساواة المثلى التي نرغب فيها خصوصا وان جلالته الكريم كان صريحا انه لا يرغب في تحريم ما احله الله وتحليل ما حرمه الله.

نعم نحن مع المساواة وعدم الظلم والتفكك الأسري وغيرها من الأمور، التي لا نحبها لإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا وأمهاتنا وآبائنا وغيرهم من الأشخاص، ولهذا فإن السبيل الانجح لتحقيق توازننا الأسري، سواء خارج أو داخل مدونة الأسرة التي نطمح اليها، وحتى نضع أنفسنا في الميثاق الغليظ الذي وضعنا الله فيه يجب علينا:

▪ أولا توعية وتربية اجيالنا القادمة بالقوانين والثقافة والتربية والسلوك السليم بمفهومه الثنائي ” التربية الموروثة الفطرية والتربية المكتسبة مع الحياة والدراسة ” واحترام الضوابط والقوانين التي تتبناها قيادتنا الحكيمة والتي تتماشى وطبيعة وعادات وتقاليد وثقافة مجتمعنا

▪ ثم ان الأم مدرسة لهذا وجب التشجيع على تصحيح مفهوم دور المرأة. والعمل على تشجيعها ولم لا منحها والرجل امورا وتحفيزات تخولهما الخروج من دوامات الحزن والاكتئاب والانتقام العدائي دون سبب.

قد تبدو الحياة في بعض الأحيان مليئة بالعواصف والتقلبات والصراعات التي تتطلب منا نوعا من اليقظة والتفكير والتمعن دون اغفال حيثياتها وسيناريوهاتها خصوصا عندما يكون مرورها علينا ليس كمرور الكرام، كالسناريو الذي نشهد احداثه عبر التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي والمتمثل بالمطالبة بتغيير وتحسين قوانين المدونة.

وأخيرا اختم مقالنا هذا ونحن نبدأ عام جديد 2025 بدعوة صادقة من القلب وهي” اللهم احفظ قيادتنا الحكيمة وأولياء امورنا وأصلح شتات أمورنا وأصلح فيما بين نسائنا ورجالنا واسرنا وثبتهم على التربية والهداية والتفاهم الصادق”.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات