أثار محمد سعد برادة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة جدلا في الأوساط التربوية حينما قرر إيفاد لجان مركزية للإشراف على مقابلات شغل منصب مدير إقليمي في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الإثنا عشر بالمغرب، والتي تنطلق اليوم وتستمر حتى يوم 2 أبريل المقبل، بمقرات الأكاديميات للتباري على 27 منصبا شاغرا.
ووفق معطيات حصل عليها موقع “لكم”، من داخل القطاع، فإن قرار الوزير برادة قسم الفاعلين داخل القطاع وأربك حسابات عدد من المسؤولين، خاصة أولئك الذين سارعوا إلى استصدار قرارات التباري على مديريات إقليمية وحاولوا تفصيل لجن المقابلات على المقاس لمنح أسبقية المرور لأشخاص وتكرار سيناريوهات سابقة عمقت جراح عدم الثقة وغياب الكفاءة في تقلد مناصب المسؤولية، فيما ترى أطراف أخرى أن الوزير برادة يحاول أن يمنح مصداقية لتلك اللجان حتى تكون له عين مركزية تعكس ثقته لتأكيد نزاهة المقابلات الشفوية، فيما طرف ثالث يؤكد على أن كل ذلك ذر للرماد في العيون، فيما يتم فرملته في دهاليز باب الرواح بتعيين فلان أو علان، يتم ضدا على مقابلات الانتقاء وبمعايير أخرى، يتداخل فيها الحزبي السياسي، والنقابي المصلحي، وغيره من الاعتبارات التي سارت بذكره الركبان”.
وبرأي مراقبين تحدثوا لموقع “لكم”، فإن قراءة في قوائم المترشحات والمترشحين البالغ مجموعهم أكثر من 210 شخصا، يتنافسون على 27 منصبا، جلهم رؤساء مصالح في مستويات المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، منهم من ترشح لـ12 منصبا سيجري مقابلات الانتقاء من الشمال إلى الجنوب، وبشكل يومي من اليوم الأربعاء 26 مارس وحتى يوم السبت 29 مارس 2025، وبعدها يوم الأربعاء 2 أبريل بعد عطلة عيد الفطر، حتى أن عدد المترشحين لمنصب واحد يفوق 30 شخصا سيجرون المقابلات في يوم واحد، بمعنى 20 دقيقة على أبعد تقدير لكل مترشحة أو مترشح، وهو زمن لا يكفي للحكم على مدى كفاءة المترشح من عدمه، خاصة وأنه يتم تجميع نقط جزئية تتعلق بملف الترشيح من تجربته المهنية وشواهد الجامعية وخبراته ومستوى تحكمه في اللغات، وجاذبية المشروع الشخصي ومنهجية تدبير المديرية الإقليمية التي سيترشح لها ومستويات أخرى تتعلق بالإنصات والتفاعل والتواصل والتحليل والمقارنة، وهي كلها معايير يتم ذبحها في تعيينات سابقة بمبررات تتوزع بين تأشيرة مدير الأكاديمية ودفاعه عن منح المنصب للشخص الفلاني ولو كان ترتيبه لا يستحق، وبين تدخلات أيادي خارج الأكاديمية، وهو ما بدا في كثير من المناصب الممنوحة التي أُثارت غضب عدد من المترشحين، الذين انزووا وانكمشوا وتواروا لغياب المصداقية التي ستكون محكا للوزير الجديد محمد سعد برادة، بعد الجدل الذي رافق إعفاء 16 مديرا إقليميا، منهم من تقدم بطلب الإعفاء لانتقاء شروط الاشتغال، ومنهم من بقي في منصبه رغم التقارير السوداء التي دبجت ضدهم، وبقيت في رفوف باب الرواح دونما تفعيل وسط صدمة الجميع، لتزيد من تغوّل هؤلاء وتكرّس مزيدا من عدم الثّقة داخل القطاع وفي محيطه في عدد من المواقع التدبيرية وسط اندهاش الفاعلين”.
ووفق المصادر ذاتها، فقد تم إقصاء عدد من المفتشين التربويين ومديري المؤسسات التعليمية، علاوة من سبق وأن أعفوا من مهامهم السابقة، رؤساء مصالح ومديرين إقليميين مر على إعفاءهم سنوات، من دون تعليل أو تفسير، لاجتياز مقابلات الانتقاء، بدعوى تعليمات شفهية من باب الرواح، وهو ما يخالف المقتضيات القانونية للترشح لمناصب المسؤولية، ويعيد سؤال استرجاع الثقة إلى تدبير قطاع يلم أكثر من 280 ألف موظف وما يناهز 12 ألف مؤسسة تعليمية يراهن على استرجاع الثقة في المدرسة العمومية التي تدافع الوزارة على أن نموذج مشروع الريادة يتشكّل نموذجها في الإبتدائي والإعدادي وسط انتقادات تطاله وصعوبات تواجهه ومؤشرات تعكسه الأيام المقبلة كفيلة ببيانه”، تشرح مصادر موقع “لكم”.