في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها المغرب، أصبحت التجارة الإلكترونية أحد الأعمدة الرئيسية التي تدفع عجلة الاقتصاد الحديث، مقدمة فرصًا استثنائية للشباب المغربي للاندماج في سوق العمل والاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي توفرها التكنولوجيا الحديثة.
ومع تنامي الاعتماد على الإنترنت وتصاعد الرغبة في تحقيق الاستقلال المالي، تحول آلاف الشباب إلى رواد أعمال رقميين، يستغلون المنصات الإلكترونية لتسويق منتجاتهم وخدماتهم، مستفيدين من سهولة الدفع الإلكتروني وسلاسة الوصول إلى المستهلكين.
لكن هذا التطور السريع في التجارة الرقمية لم يكن خاليًا من التحديات.
فقد أثار انتشار منتجات غير موثوقة أو غير آمنة قلق المستهلكين، خاصة مع ازدياد العروض الوهمية التي تغري المشترين بأسعار منافسة وجودة مشكوك فيها.
في هذا السياق، أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن المنتجات المعروضة على المنصات الإلكترونية، بما فيها تلك التي تصنف كمنتجات صحية، تخضع لنفس معايير الرقابة التي تُطبق على المنتجات المتوفرة في الأسواق التقليدية.
وجاء ذلك ردًا على مخاوف أثيرت خلال جلسة الأسئلة الشفوية في البرلمان حول سلامة هذه المنتجات.
وأشار الوزير إلى أن الرقابة على المنتجات التي تروج عبر الإنترنت تُعد أسهل من تلك التي تُباع في الأسواق العادية، لأنها تمر عبر مراحل مراقبة صارمة قبل أن تصل إلى المستهلك.
وأضاف أن التجارة الإلكترونية شهدت نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم المعاملات خلال عام 2023 نحو 22 مليار درهم، محققًا معدل نمو سنوي بلغ 30% خلال السنوات الخمس الماضية.
ورغم هذا النمو الملحوظ، تواجه التجارة الإلكترونية المغربية تحديات كبيرة، أبرزها غياب تعريف واضح للبائعين ومنتجاتهم، ما يعيق المستهلكين من اللجوء إلى القضاء في حال حدوث مشكلات.
وأكد مزور أن الحكومة تعمل على تحديث القوانين لتشمل هذه النقاط، مع تعزيز الترسانة القانونية التي تنظم هذا القطاع، بما في ذلك قوانين حماية المستهلك، وسلامة المنتجات، وحماية البيانات الشخصية، والأمن السيبراني.
وأوضح الوزير أيضًا أن الحكومة تسعى لتيسير التجارة الإلكترونية من خلال تحسين خدمات التوزيع، مع الاعتراف بدور مؤسسة البريد في تغطية كافة مناطق المملكة.
لكنه شدد على ضرورة تجاوز بعض الممارسات التي قد تعيق هذا التقدم، مؤكدًا أهمية توفير عدالة تنافسية للتجار التقليديين الذين يواجهون تحديات من المنافسة مع التجارة الرقمية.
وفي إطار تعزيز كفاءة العاملين في القطاع، أفاد الوزير أنه تم تدريب أكثر من 4500 تاجر على المهارات الرقمية، مما يعكس التزام الحكومة بتطوير البنية التحتية البشرية لقطاع التجارة الإلكترونية.
ورغم التحديات القائمة، فإن النظرة المستقبلية تبدو متفائلة، مع تكامل الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص لتأمين بيئة تجارية رقمية آمنة وعادلة للمستهلكين والتجار على حد سواء.